للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا أقرَّ المدعى عليهِ أو نكَلَ (١) فحلفَ المدَّعي، أو أقام بينة وسأل القاضي أن يشهدَ على إقرارِه عنده أو يمينه، أو الحكم بما ثبتَ والشهادةَ بهِ لزمَهُ، وإن سأل المدعى عليه القاضي الإشهاد بمالِهِ في مصلحةٍ فإن حلفه المدعي فسأل المدعى عليه القاضي في الإشهادِ بما جرى ليكونَ حجةً له، فلا يطالبه مرة أخرى بالحلف لزمه إجابته.

وإن سأل المدعي القاضي أن يكتبَ له محضرًا بما جرَى من غيرِ حكمٍ، أو سجلًا بما حكمَ استحبَّ إجابتُهُ، وقيل: يجبُ إذا كانَ هناكَ قرطاسٌ من بيتِ المالِ، أو أتى الطالبُ به، أو تبرَّعَ به متبرِّعٌ، وإلَّا فلا يأتي وجه الإيجابُ. ويُستحبُّ كتابةُ نسختين: إحداهما له، والأخرَى تحفَظُ في ديوانِ الحكمِ.

وإذا حكمَ بنصٍّ ثم بانَ أنَّه منسوخٌ كانَ منقوضًا، وكذا لو حكَمَ بعمومِ نصٍّ ثُمَّ بانَ أن تلكَ الصورةَ المحكومَ فيها بمقتضَى العمومِ خُصَّتْ بدليلٍ، فإنَّهُ منقوضٌ أيضًا، وكذا لو حكَمَ بالاجتهادِ، ثمَّ بانَ خلافُهُ بنصِّ كتابٍ أو سُنَّةٍ أو إجماعٍ أو قياسٍ جليٍّ، وكذا إذا خالفَ عمومَ كتابٍ أو سنَّةٍ كانَ قضاؤهُ منقوضًا من غيرَ احتياجٍ إلى نقضٍ لكونِهِ ومعَ فِي نفسِهِ غيرَ معتبَرٍ.

ويلزمُ القاضي تعريفُ الخصمينِ صورةَ الحالِ ليترافعَا إليِهِ فيُنقضُ الحُكمُ، وإنْ عَلِمَا أنَّهُ بانَ له الخطأُ على الصَّحيحِ، هذا في حقُوقِ الآدميينَ، أمَّا ما يتعلَّقُ بحدودِ اللَّهِ تعالَى، فيبادِرُ إلى تدارُكِهِ إذا بانَ له الخطأُ (٢).

وأمَّا الأبضاعُ، فإذا حكَمَ القاضي بنكاحٍ ثم بانِ له الخطأ فيهِ بواحدٍ من الطُّرقِ المذكورةِ التي يتبيَّنُ بِهَا أنَّ حُكمَهُ صدرَ باطلًا لزمَهُ المبادَرَةُ إلى التفريقِ بينَ الزوجينِ (٣).


(١) "منهاج الطالبين" (ص ٣٣٩).
(٢) "روضة الطالبين" (١١/ ١٥٠)
(٣) نقله الرملي الكبير في حاشيته على "أسنى المطالب" (٤/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>