للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلمِ فإن قالوا: يُقْدَرُ على كسرِها من نصفها بلا إتلافٍ لنفسها ولا صدع أقدتُه، وإن قالوا لا يُقدرُ على ذلك لم يقدْه. هذا نصُّه، وهو الذي ينبغِي أن يُفتَى به؛ لأنَّه الثابتُ عن رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي قصَّةِ الرُّبيِّع -بضمِّ الرَّاءِ- التي لطمتْ جاريةً فكسرتْ ثنيَّتها، فأتَوا النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمرَ بالقصاصِ. رواهُ الصحيحان.

وفيه دلالةٌ واضحةٌ على إيجابِ القصاصِ فِي كسرِ السِّنِّ، وهو محمولٌ على إمكانِ المماثلةِ.

وحملُ الحديثِ على أنها قلعتها بعيدٌ من الظاهرِ، فإنَّه لا يقالُ فِي ذلك كسرتها، بل يُقال قلعتها.

* ضابطٌ: ليسَ لنَا موضعٌ يجبُ فيه القصاصُ فِي كسرِ العظامِ إلَّا هذا، والسنُّ عظمٌ كما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أمَّا السِّنُّ فعظمٌ" (١).

وللمجنيِّ عليهِ أن يقطعَ أقربَ مفصلٍ إلى موضعِ الكسرِ الذي حصلَ به انفصالُ ذلكَ، ولو أرادَ أن يقطعَ أبعدَ مفصلٍ فلهُ ذلكَ على الأرجحِ، ويأخذ حكومةَ الباقي مكان البَطْل إلى تمامِ حقِّه (٢).

ولو قطعَ يدَهُ من نصفِ الكفِّ فلا يقتصُّ فِي الكفِّ، لعدمِ إمكانِ رعايةِ المماثلةِ، ولهُ الالتقاطُ الأصابعِ، وإن تعددَّتِ الجراحةُ؛ لأنَّه لا سبيلَ إلى إهمالِه، وليس بعد موضع الجراحة إلَّا مفاصلَ متعددة، ويجب له بعد قطع الأصابع حكومةُ نصف الكفِّ على الأصحِّ.


(١) "صحيح البخاري" (٢٣٥٦) و"صحيح مسلم" (١٩٦٨).
(٢) "روضة الطالبين" (٩/ ١٨٣ - ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>