(٣) ثالثُ شروطِ السرايَةِ: أَنْ يكونَ محلَّ الإعتاقِ مما يثبتُ عليهِ الولاءُ للمالكِ المعتقِ، نصَّ عليهِ في "الأمِّ"، ولم يذكروهُ، فإذا ماتَ سيِّد المكاتب عن ابنين، فأعتقَ أحدُهما نصيبه، أو أبرأه من نصيبه من النجومِ، فإنَّه يُعتقُ نصيبُهُ على النصِّ المشهورِ، ولا يسري في الحالِ ولا بعدَ العجزِ على النصِّ المعتمدِ لفواتِ الشرطِ، إذِ الولاءُ إنما يثبُتُ للميتِ خلافًا لما صحَّحهُ الشيخُ أبو حامدٍ، ومن تبعَهُ من السرايةِ، ومقابل المشهورِ، أنَّه لا يُعتقُ منه شيءٌ في الحالِ، بل يوقف العتقُ، وهو قويٌّ؛ لأنَّ المورث لا يمكنه تبعيضه، فكيف بتبعِيضِ مَن بعضُ ورثتِهِ، واختارَهُ المزنيُّ في صورةِ الإبراءِ، وصحَّحهُ البغويُّ و"المحرر" في الإعتاقِ.
فإنْ أدَّى نصيبَ الآخرِ عُتقَ كلُّهُ الآن، وولاؤه للأبِ، فإن عجزَ قوِّم على المعتقِ إن كانَ موسرًا وقتَ العجزِ -كما هو ظاهرُ نصِّ المختصرِ-، وهو معنَى قولِ البغويِّ: عتق الآنَ نصيبُهُ.
وتبطلُ الكتابةُ، وولاؤهُ للذي أعتقَ، وإن كانَ معسرًا، فلَهُ ولاءُ ما أعتقَ، والباقي للآخرِ.
وفي صورةِ الإبراءِ لا يُعتقُ منهُ شيءٌ بالعجزِ. قاله البغويُّ، لأنَّ الكتابةَ تبطلُ بالعجزِ. والقياسُ التسويةُ؛ لأنَّ الإبراءَ منزَّلٌ منزلةَ قولِهِ: أعتقتُ نصيبي. وعلى ما صحَّحه الشيخُ أبو حامدٍ من أنَّ السرايةَ في الحالِ أم عندَ العجزِ؟ قولانِ: أظهرهما: عند العجزِ بخلافِ ما سبقَ في الشريكينِ في الكتابةِ؛ لأنَّ المعتِقَ منهما له ولاءُ نصيبه بعتقِهِ بلا خلافٍ، بخلافِ ما نحنُ فيه، فإذا أدَّى نصيبَ الابنِ الآخرِ عُتقَ كلُّه، وولاؤه للأبِ، وإن عجزَ سرى الآن على الذي سبقَ منه الإعتاقُ أو الإبراءُ.
وولاء ما سرى له، وكذا له ولاء النصف الآخر على مقتضَى الشرطِ