وأمَّا إذا كاتَبَا عبدًا وأعتقَ أحدُهما نصيبَهُ، فإنه يسري في الحالِ إلى نصيبِ شريكِهِ. نصَّ عليه في "الأمِّ" و"مختصر المزني"، وهو المذهبُ المعتمدُ خلافًا لما صحَّح في الشرح و"الروضة" من تأخُّرِ السّرايةِ إلى ارتفاعِ الكتابةِ بالعجزِ، فلم ينصّ الشافعيُّ على ذلك، وما وقع عفى صورة التقدم بقبض النصيبِ وإعتاقَ أحد الوارثينَ وإيلاد أحد المكاتبينَ لا شاهدَ فيه، وما ذكر من وجهٍ على السرايةِ في الحالِ أنَّه يسري العتقُ مع بقاءِ الكتابةِ بعيدٌ، وإن أريد بقاءُ حكمِها بحيثُ يكونُ، ولا محلَّ السرايةِ للشريكِ الذي لم يعتقْ كما صرَّح به، فهو كما قال شيخُنا: خرق عظيمٌ لقواعدِ (١) الشَّريعةِ من جهةِ أن يغرمَ قيمته شرعًا قهرًا، والفائدةُ لغيرِهِ، لا يجري على القواعدِ الشرعيَّةِ، وعلى ما صُحِّحَ من تأخُّرِ السرايةِ إلى العجزِ يعتبرُ اليسارُ عندَ الإعتاقِ لا عندَ العجزِ، بخلافِ ما سبقَ في المستولَدَةِ لنجازِ العتقِ هنا في نصيبِ المعتقِ.
ولو باعَ من لم يعتقْ نصيبَهُ برضَا المكاتبِ وقعتِ السرايَةُ. وهل الغرم للبائعِ أو للمشتري؟ ترددٌ، والأرجحُ الأوَّلُ، إن جعلنا ارتفاعَ الكتابَةِ بالرضا، ويسري في المدبَّر على المذهبِ، لإمكانِ نقلِهِ، وعلى مقابله إذا ارتفعَ التدبيرُ سرى كما في الكتابَةِ، خلافًا لما نقل عنِ الأكثرِ.