ولتغير البيئة والزمان والأعراف عند قدومه إلى مصر، ولظهور أدلة جديدة من السنَّة النبوية لم تصل إِليه سابقًا, ولحرص الإِمام الشَّافعيُّ -رحمه اللَّه- على العمل بالسنَّة النبوية الصحيحة وعدم ردها بتعللات واهية كما يفعل غيره، وتطبيقًا لأصوله وقواعده الَّتي قرّرها في التّمسك بالكتاب والسنَّة حتى أثر عنه قوله:"إِذا صحَّ الحديث فهو مذهبي"، وفي رواية:"إِذا وجدتم في كتابي خلاف سنّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقولوا بها، ودعوا ما قلته" أفتى وعمل بما توفّر لديه من الأدلة بمصر، وعدل عن بعض آرائه وفتاويه السابقة في بغداد، فسمى ما كَانَ في بغداد بـ "القول القديم" وسمى ما دوّنه بمصر بـ "القول الجديد".
[القول القديم]
ما قاله بالعراق إفتًاء وتصنيفًا، ومن كتبه القديمة:"الحجّة"، و"الأمالي"، و"مجمع الكافي"، و"عين المسائل"، و"البحر المحيط".
[القول الجديد]
ما قاله بمصر إفتًاء وتصنيفًا، فإنه لما قدم مصر سنة ١٩٩ هـ وأقام بها ظهرت له أدلة لم تكن حاصلة له من قبل، وبلغته أحاديث لم تبلغه حين تدوينه المذهب القديم في بغداد، فاعتمد الجديد، وعليه كتاب "الأم"، و"الإملاء"، و"البويطي"، و"مختصر المزني"، ودوّن مذهبه الجديد في مصر، وترك مذهبه القديم في بغداد. فالجديد هو المذهب الصحيح، وعليه العمل والفتوى عند الشَّافعيّة، أما القديم فإنه يعتبر مرجوعًا عنه، ولا يعمل الشَّافعية إلَّا بمسائل قليلة منه.
* * *
انتشار المذهب الشَّافعيّ في أقطار العالم
كانت مصر هي الموطن الأوَّل للمذهب الشَّافعيّ الجديد، حيث قضى الإِمام