وتوالي ضربُه، وسقيه ما يقتله بإنجاز بكرهٍ أو أكرههُ حتَّى تناوَلَ بنفسِه، وإن علمَ أنَّه مسمومٌ على الأظهَرِ، وليسَ هذا كما إذا أكرههُ على أَنْ يَقْتلَ نفسَه، خلافًا لقوله الرَّافعيِّ أنَّه الوجهُ؛ لأنَّه قد يحصلُ الشفاءُ منَ السَّهمِ فيتخلَّصُ من قبل ناجز بأمرٍ مرجو فيه الشفاء.
ومن المباشرةِ الموجبةِ للقود غرز إبرةٍ بمقتلٍ، أو بدن صغير أو شيخٍ هرم، وأمَّا غرزها فِي غيرِ ذلكَ فيما يتألَّمُ به، فإن تورَّمَ وبقي متألِّمًا إلى الموتِ وجبَ القودُ على المذهبِ، ومنهُم مَن لم يعتبرِ التورُّمَ واكتفَى باستمرارِ التألُّمِ، فإن كانَ لا ينفكُّ عنْ تورُّمٍ توافقًا.
وإن كان ينفكُّ فالأرجحُ إيجابُ القود بالقيد المعتبر فِي كلِّ الصورِ، وهو أن يكونَ ذلكَ الفعلُ يقتُلُ غالبًا، ولا معنَى لِمَا رجَّحَهُ المتأخَرونَ من اعتبارِ الورمِ.
وإنْ مَاتَ فِي الحالِ فصححوا أنَّه لا قودَ عليه، وهو شبهُ عمدٍ، فتجبُ فيه ديتُه، والمعتمدُ أنَّه إن كانَ يقتُلُ غالبًا وجبَ القودُ.
وإذا ألقاهُ فِي ماءٍ لا يمكنُهُ التخلُّص منه فالتقمَهُ حوتٌ فعليه القصاص على النصِّ.
وإن رفعَ الحوتُ رأسَهُ فألقمَهُ الحوتَ فماتَ فإنَّهُ يجبُ القصاصُ بلا خلافٍ.
ومنعهُ الطعامَ والشرابَ بحيثُ لا يمكنه التوصُّلُ إليهِ مدَّةً يموتُ فيها مثلُهُ غالبًا يوجبُ القودُ.
وإن كانَ بهِ بعضُ جوعٍ أو عطشٍ سابقٍ، وعلم المانعُ بحالِهِ وجبَ القصاصُ على الأصحِّ، فإن عفَى على مالٍ وجبتِ الدِّيةُ كلُّهَا. كذا ذكروه.