كالقنِّ يجني جنايةً ثم أخرى قبلَ الفداءِ، فيقطع فيه بأنَّ السيدَ إمَّا أن يسلمها لتباعَ فِي الجنايتينِ، وإمَّا أن يفديها بأقلِّ الأمرينِ من قيمتها وأرش الجنايةِ على ما تقدَّم في القنِّ.
وليستْ جنايةُ أمِّ الولدِ التي لا تباعُ كواحدةٍ على الَّذِي أحبه الشافعي صاحبُ، المذهبِ، بل تُفرد كلُّ جنايةٍ بحكمِها، وتعتَبَرُ قيمتُها وقتَ الجنايةِ على الأصحِّ.
وحكمُ العبدِ الموقوفِ والمنذورِ إعتاقُه إذا جَنَيَا حكمُ أمِّ الولدِ التي لا تباعُ، ويفدي العبدَ الموقوفَ الواقفُ على أصحِّ الوجوهِ إذا قلنا بالأصحِّ أن الملكَ فيه للَّهِ تعالى، إذا كانَ حيًّا، فإذا كانَ الواقفُ ميتًا فالأرجحُ ما ذكرَهُ في الجُرجانيات أنَّ الفداءَ في تركتِهِ.
وأمَّا المنذورُ إعتاقُهُ فإنَّهُ يفدِيه الناذرُ قطعًا لبقاءِ ملكهِ، كالمستولدةِ، فإنْ ماتَ قبلَ أن يعتقهُ كانَ الحكمُ في جنايتهِ كالحكمِ في جنايةِ الموصَى بإعتاقهِ إذا جنى، بعد موتِ الموصي وقبلَ الإعتاقِ.
قالَ شيخُنا: والحكمُ فيه أنَّ ذلكَ يتفرَّعُ على أَنْ كَتَبَ الموصي بإعتاقِه لمن، وفيه خلاف؛ فإدنْ قلنَا أنهُ للعبدِ كما هو مقتضى نصِّ "الأمِّ" وقالَ في "الروضة" في الخصيصة الرابعةِ: القرعةُ أنَّهُ المذهب لجنايتهِ في كسبِهِ.
وإنْ لم يكُن في يدهِ كسبٌ فيتعينُ هنا أن يعتقَ ويأخذه منه موجَّلًا، ويحتمل الحلول، والحكمُ في العبد المنذور يظهر مما قررناه في الموصى بإعتاقه، ولم أرَ مَن تعرَّضَ لشيء من ذلكَ، وهو من النفائس. انتهى كلامُ شيخِنا.