رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"البينةُ على المدَّعِي واليمينُ على مَن أنكرَ إلَّا في القسامة" وفِي إسنادِهِ ضعفٌ، لكنْ قالَ ابنُ عبدِ البرِّ: إسنادُهُ لينٌ فخففَ أمرهُ.
وأوَّلُ مَن قضى بِها في الجاهليةِ الوليدُ بنُ المغيرةِ، كما قالَهُ ابنُ قتيبةَ، وأقرَّهُ الشارعُ في الإسلامِ.
يشترطُ أن يفصلَ ما يدعِيه من عمدٍ وشبهِ عمدٍ وخطأٍ وانفرادٍ وشركةٍ، فإنْ أطلقَ استفصلَهُ القاضي على النصِّ استحبابًا، وقيلَ يعرضُ عنهُ، ويشترط أن يُعَيِّنَ المدَّعَى عليهِ، فلو قالَ: قتلَهُ أحدُ هؤلاءِ العشرةِ ولا أعرفُ عَيْنهُ فتسمعُ الدعوى على الأصحِّ للحاجةِ، ولا يحلفهم القاضي على الأصحِّ للإبهامِ، ويجري الوجهانِ في دعوى غصبٍ وسرقةٍ وإتلافٍ وأخذِ الضالَّةِ.
والضابطُ بجريانها أن يكونَ سببُ الدعوى قد يخفى متعاطيه على المستحقِّ؛ لأنَّه مما ينفردُ به المُدَّعى عليه.
وشرطُ سماعِ الدَّعوى أن تكونَ مِن مكلَّفٍ ملتزمٍ، وتسمعُ دعوى المعاهَدِ وإن لم يكنْ ملتزمًا إذا ادَّعى بمالٍ استحقَّه على مسلمٍ أو ذميٍّ أو مستأمنٍ مثله، أو ادعى دمَ مورثه الذمي أو المستأمن.
وتُسمع دعوى الحربيِّ وإن لم يكنْ ملتزمًا للأحكامِ، فيما إذا اقترضَ منه حربيٌّ شيئًا أو اشتراهُ منه ثم أسلمَ المعترض أو المشتري، أو دخلَ إلينا بأمانٍ فإن المنصوصَ المعتمدَ أن دَيْنَ الحربيِّ باقٍ بحالِهِ.
ولو اقترضَ منهم مسلمٌ في دارِ الحربِ شيئًا أو اشتراهُ ليبعثَ إليهِم ثمنه أو أعطوهُ شيئًا ليبيعَهُ في دارِ الإسلامِ ويبعثه إليهم، فإنَّهُ يلزمه ذلكَ، وحينئذٍ فتسمعُ الدَّعوى من الحربيِّ، لكنْ يكون في أمانٍ بطلب ذلك فإنَّهُ لا يبطلُ حقه من ذلكَ.