صدقَ المُدَّعِي، فإنْ وجدَ قتيلٌ أو بعضُه إذا تحققَ موتُه في محلِّةٍ أو قريةٍ صغيرةٍ لأعدائِه أو أعداءِ قبيلتِه أو تفرَّقَ عنهُ جمعٌ يعتبرُ أَنْ يكونوا على وجهٍ ينحصرُ قبلَ القتيلِ فيهم، وإنما تثبتُ القسامةُ بذلكَ حيثَ لم يعرفْ مَن قتلَهُ ببينةٍ أو بإقرارٍ أوْ بعلمِ الحاكمِ.
وأمَّا إذا وقعَ في الشبه العامِ والخاصِّ أنَّ زيدًا قتلَ فلانًا فهذا لا يثبتُ به عليهِ القتلُ ولكنَّه يكونُ لوثًا في حقِّه.
ولو تقابلَ صفَّانِ لقتالٍ، وانكشفوا عن قتيلٍ فإنِ التحمَ قتالٌ كانَ لوثًا في حقِّ الصفِّ الآخرِ لأنَّه يغلبُ عندَ التحامِ القتالِ أنَّ أهلَ كلِّ صفٍّ يطلبونَ قتلَ الآخرينَ، فإذا تفرَّقُوا عن قتيلٍ كان لوثًا في حقِّ الطالبينَ.
وإنْ لم يلتحمِ القتالُ فهو لوثٌ في حقِّ أهلِ صفِّه إذا لمْ يترامَى الصفَّانِ، فإنْ ترامَى الصفَّانِ وكان ينالُه رَميُ أضدادِهِ فإنَّه يكونُ لوثًا في حقِّ أضدادِه.
وقولُ عدلٍ فيما لا يثبتُ بشاهدٍ ويمين لوث، وكذا قولُ نساء وعبيدٍ بشرطِ التفرُّقِ على النصِّ، وليس قولُ فسقةٍ وصبيان وكفارٍ لوثًا في الأصحِّ.
ولو ظهرَ لوثٌ فقال أحدُ ابنيهِ: قتلَهُ فلانٌ، وكذَّبَهُ الآخرُ، وقد ثبتَ اللوثُ بالشاهدِ الواحدِ بعد الدعوَى، والحالُ أنَّ المدعي قتلُ شبه عمدٍ أو خطأ، فلا يبطلُ هذا اللوثُ بتكذيبِ أحدِ الولدينِ قطعًا، بناءً على أن شهادة العدلِ الواحدِ لوثٌ، ولو ثبتَ اللوثُ في حقِّ أهلِ المحلة أو الجماعةِ كما تقدَّم واتفقَ الأخَوانِ على ذلك، ولكن عيَّن الذي كذَّبَ أخاهُ آخرُ، وقالَ: هذا هو القاتلُ. ولم يكذِّبْهُ أخوهُ فيما قَالَهُ، فإنَّهُ لا يبطلُ حقُّ الذي كذَّب أخاهُ من الذي عيَّنَهُ لأنَّ المعنَى المقتضي لإبطالِ القسامةِ أنَّ اللوثَ قد انخرمَ الظنُّ به، وإنما انخرمَ الظنُّ في المعينِ لا في أصلِ اللوثِ، لاتفاقِ الأخوينِ على