للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمقتضاهُ، ومما لا يجبُ عليه ذكرُهُ كونُ المسروقِ ملكًا لغيرِ السَّارِقِ، بل يكفِي أَنْ يقولَ: سرقَ هَذَا. ثم المالكُ يقولُ: "هذا ملكي"، والسارقُ يوافقُهُ فيقطع بشروطِهِ.

وممَّا لا يجبُ ذكرُهُ كما قال ابن الصبَّاغِ أن يقول: "ولا أعلمُ له فيهِ شبهةً"؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ الشبهةِ، وإذا اختلفَ الشاهدَانِ فقالَ أحدُهما: سرقَ بكرةً، وقالَ الآخرُ: "سرقَ عشيَّةً" بطلتْ شهادتُهما لعدمِ اتفاقِهما.

ويجبُ على السارقِ ردُّ ما سرَقَهُ إن كانَ باقيًا، فإن تلفَ ضمِنَهُ، وتُقطع يمينُهُ إنْ لم تكنْ شلَّاء، أو كانت شلَّاءَ تنحسمُ عروقها، فأمَّا إذا كانت شلَّاء وقال أهلُ الخبرةِ "إنَّها لو قطعتْ لم ينحسمِ الدَّمُ" فلا تقطعُ قطعًا، فإنْ قالُوا ينقطعُ الدَّمُ، قُطعت، واكتفي بها (١).

ولا يجزئ قطعُ اليدِ اليُسرَى مع إمكانِ قطعِ اليدِ اليُمنَى، والرجلُ اليسرَى أصلًا، إلَّا إذا قالَ الجلادُ للسارقِ: "أخرجْ يمينَك"، فأخرجَ يسارَهُ فقطعَهَا، وقالَ المخرجُ: "ظننتُها اليُمنَى"، أو أنها تجزئ، فإنَّه يسقطُ القطعُ في اليمينِ على الأظهَرِ، لأنَّ المقصودَ التنكيلُ، وقدْ حصَلَ؛ ولأنَّ الحدَّ مبنيٌّ على التخفيفِ، فإن سرقَ ثانيًا بعد قطعَ اليمينِ قطعَتْ رجلُهُ اليُسرَى، إذا لم يكن له يدٌ أخرَى على المعصمِ الأيمنِ مساويةً للمقطوعةِ في البطشِ والخلقةِ، فإن كانَ كذلك فإنَّهُ تقطعُ في السرقَةِ الثانيةِ اليدُ الأخرى.

ولو أمْكَنَ قطعُ أحدهما لأنَّها أصليَّةٌ فبطشتِ الأُخرَى أو كانَ بطشُها ناقصًا أو ناقصةَ الخلقَةِ، فإنَّه يُكتفَي بِهَا في القطعِ في المرَّةِ الثانيةِ، ويجيءُ في القدمين مثل هذا، أو في هذا اليسرى مثل هذا أو على هذا، فقد يسرقُ خامسًا


(١) "منهاجُ الطالبين" (ص ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>