ومما يقعُ في صورة التعزير ولا معصيةَ وذكر في "المنهاج"(١) تبعًا للمحرر بعد نفي الحدِّ نفي الكفارة فقالَ: يُعزرُ في كلِّ معصيةٍ لا حدَّ فيها ولا كفَّارة، ولم يذكر "ولا كفارة" جمع من الأصحابِ في الطريقينِ.
ويستثنى من إطلاقِهِ "وإلَّا كفارةَ" مسائل يشرعُ فيها التعزيرُ والكفارةُ.
فمنها إذا جامعَ زوجَتَهُ أو أمتَهُ في نهارِ رمضانَ الجماعَ الموجبَ للكفَّارَةِ، فإنَّه يجبُ عليه التعزيرُ على ما جزَمَ بِهِ صاحبُ التعجيز وادَّعى البغويُّ في "شرحِ السُّنَّةِ" إجماعَ الأمَّةِ عليه، ونازعَهُ شيخُنا في ذلك، وقال: إن الصحيحَ من الأوجُهِ أنَّهُ لا يعزَّرُ، وجزمَ ابنُ الرِّفعةِ بهذا، وهو المعتمدُ، وقالَ: ووهِمَ مَن جعلَهُ وجهًا. انتهَى.
ومنها: إذا قتلَ منْ لا يقادُ بِهِ، فإنَّه يُعزَّرُ، معَ أنَّ الكفَّارَةَ واجبة.
ومنها: اليمينُ الغموسُ، فإنَّ فيهَا الكفَّارَةَ والتعزيرَ، كما جَزَمَ بِهِ صاحبُ "المهذَّب" خلافًا لمنْ منع استثناءَها مِن ذلك.
ويستثنى من قولِنا:"لا حدَّ فيهَا" ما لو جلدَ للزِّنا بشهادةٍ، ولم يؤثِّرْ فيهِ الجلدُ، ثمَّ رجعَ الشاهدُ فكذَّبَ نفسَهُ. ففي الكفاية عن الكافي أنَّهُ يحدُّ للقذفِ، ويعزَّرُ لاعترافِهِ بشهادةِ الزُّورِ.
ومما يرد على العبارتينِ جميعًا ما إذا رأَى مَن زنَى بزوجتِهِ والزَّانِي محصنٌ فقتلَهُ، فلا تعزيرَ عليهِ، وإنِ افْتَاتَ على الإمامِ ويُعْذَرُ لأجلِ الحميَّةِ، ويحل لَه قتله فيما بينَهُ وبينَ اللَّهِ تعالى إذا لمْ تكُنْ بيِّنَة، وإنْ كانَ يُقادُ بِهِ في الظاهرِ كما نصَّ عليهِ.