فيجوزُ قصدُ أهلِها بالنارِ والمنجنيقِ وما في معناهُما قطعًا إنْ كانتِ ضرورةً كخوفِ ضررهم أو لم يحصل فتح القلعةِ إلَّا بِهِ، وإن لم يكنْ ضرورةً كُره ولا يحرمُ على الأظهرِ.
وإن تترَّسُوا بالمسلمينَ، ولم تدعُ ضرورةٌ إلى رميهِم تركناهم، وإن دعتِ جازَ رميهم على المنصوصِ.
ويحرمُ الانصرافُ عنِ الصفِّ إذا لم يزدِ عددُ الكفَّارِ على عددِ المسلمينَ مائة ضعفًا من مائتين من أبطالهم، أو مائة وتسعة وتسعين من أبطالهم، في الأصحِّ.
ولا يحرمُ انصرافُ متحرِّفٍ لقتالٍ أو متحيِّزٍ إلى فئةٍ يستنجدُ بِهَا وهو في حالِ القدرةِ.
وأمَّا مَن عجَزَ بمرضٍ ونحوِهِ أو لم يبقَ معهُ سلاح فلَهُ الإنصرافُ بكلِّ حالٍ.
ولو ماتَ فرسُهُ ولا يقدرُ على القتالِ راجلًا فلَهُ الانصرافُ.
والعبدُ إذَا شهِدَ القتالَ بغيرِ إذنِ سيِّد لا يحرمُ عليهِ الانصرافُ، وكذلكَ النساءُ إذا شهدنَ القتالَ ثم ولينَ فإنهنَ لا يأثَمْنَ بالتوليةِ. نصَّ عليه الشافعيُّ -رضي اللَّه عنه- (١).
ويجوزُ إلى فئةٍ بعيدةٍ على النصِّ، إن غلبَ على الظن أنَّ العدوَّ بقبلِهِم، فان فرُّوا كلُّهم إلى الفئةِ البعيدةِ ليدفعوا عنهم ما غلبَ على ظنِّهم من القتلِ