فإنْ حلَفَ على أن يتركَ واجبًا أو يفعلَ حرامًا عصى ولزمَهُ الحنثُ، والكفَّارَةُ، ويستثنى من الواجبِ الذي يعْصِي بتركِه الواجبُ الذي يمكنُ سقوطُهُ، فإنَّ الإنسانَ إذا حلفَ على تركِهِ لا يعصي لقصَّةِ أنس بن النضرِ، فإنَّه بعدَ قضاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقصاصِ في ثنيَّةِ الرُّبيعِ قالَ أنسُ بن النَّضرِ:"واللَّهِ لا تكسرُ ثنيَّةِ الرُّبيع" فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أنسُ، كتابُ اللَّهِ القصاص" فرضوا بأرشٍ أخذُوه، فتعجَّبَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال:"إنَّ من عبادِ اللَّهِ مَن لو أقسَم على اللَّهِ لأبرَّهُ"(١) فلم يذكرِ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنسِ بن النضرِ ولا لأمِّ الرُّبيعِ التي حلفتْ كأنسٍ في بعضِ الرِّواياتِ عصيانًا، ولا ما يدلُّ عليهِ، وجعلهما من عبادِ اللَّهِ الذينِ يبر اللَّهُ قسمهم.
ووجهُ ذلكَ أنَّ القصاصَ مما يمكنُ سقوطُهُ فلا إثمَ عليهِ في الحَلِفِ على عدَمِ وقوعِ ذلكَ إمَّا لثقتِهِ بفضلِ اللَّهِ ولطفِهِ أنَّهُ لا يحنثُه، أو رغبةً إلى مستحقِّ القصاصِ بالعفو، وعلى هذا فلا فرقَ بينَ الجانِي وغيرِهِ.
وإذا حلفَ الإنسانُ على تركِ الواجبِ على الكفايةِ، لم يعصِ؛ لأنَّ الفرضَ لم يتوجَّهْ إليهِ بخصوصِهِ، نبَّه على ذلكَ شيخُنا، ولو حلفَ على تركِ مندوبٍ أو فعلِ مكروهٍ، فيسنُّ حنثُهُ وعليهِ الكفَّارَةُ.
أو تركِ مباع أو فعلِهِ، وكان ذلك المباحُ مما لا يتعلَّقُ به غرضٌ في الامتناعِ منهُ، فالأفضلُ تركَ الحنثِ، ونقلَ الإمامُ عن قطع العراقيين أن الأفضلَ الحنثَ، واختارَهُ والدُهُ، وممن جزَمَ بِه الفورانيُّ في العمد.
ولو حلفَ أن يفعلَ واجبًا أو يترك محرَّمًا فالأفضلُ البقاءُ على اليمينِ، والحنثُ فيهِ مع العلمِ بالحالِ حرامٌ، وعليه الكفَّارةُ إذا حنثَ، والأفضلُ