ولو انهدمت بيوتها وبقي سورها، وهو مانعٌ لعلوِّه، فإنَّ الحالفَ يحنثُ بدخولِهِ، وإن كانَ غيرَ مانعٍ لِقصرِهِ فلا يحنثُ بدخولِهِ على الصحيحِ، ولا يحنثُ إذا صارتْ فضاءً، أو جُعلتْ مسجدًا أو حمًّامًا أو بستانًا بعدما انهدمت.
وإذا حلفَ لا يدخلُ دار زيدٍ، حنثَ بدخولِ ما ملكَهُ، وإن لم يسكنْهُ، إلَّا أن يريدَ مسكنَهُ.
وإن حلفَ لا يدخلُ دارَ زيدٍ، أو لا يكلِّمُ عبدَهُ أو زوجتَهُ فباعهما، وزالَ ملك البائعِ عنهما، أو طلَّقهَا بائنًا، لم يحنَثْ.
فلو قالَ دارُهُ هذهِ، أو زوجتُهُ هذه، أو عبدُهُ هذا، فيحنثُ، إلَّا أن يريدَ ما دامَ ملكَهُ، ولا يحنثُ إذا كلَّمهما بعد البيعِ وزوالِ الملكِ عنهما، أو كلمهما بعدَ الطلاقِ البائنِ.
وإن حلفَ لا يدخلها من ذا البابِ، فنُزع ونُصبَ في موضعٍ آخرَ منها حنث بالأوَّلِ على النصِّ دونَ الثَّاني. وقيل: لا يحنثُ بواحدٍ منهما.
ولو حلفَ لا يدخلُ بيتًا حنثَ بكلِّ بيتٍ من طينٍ أو حجرٍ أو آجرٍّ أو خشبٍ أو خيمةٍ إذا كانَ الحالفُ عربيًّا، فأمَّا العجميُّ إذا قال بالفارسيَّةِ "درخانة نشوم"(١) فعنِ القفَّالِ أنَّه لا يحنثُ بالخيمةِ، ولا ببيتِ الشعرِ؛ لأنَّ العجمَ لا يطلقونَ هذا الاسمَ عليها، بل على المبنيِّ، وعلى هذا جرَى الإمامُ والغزاليُّ والرُّويانيُّ وغيرُهم، ورجَّحَهُ الرَّافعيُّ في "الشرحِ الصغيرِ".
ولا يحنثُ بمسجدٍ وكنيسةٍ وغار جبلٍ لم يتَّخذْ مسكنًا، فأما ما اتُّخذَ من ذلك مسكنًا فإنَّه يحنثُ به على أصلِ الشافعيِّ -رضي اللَّه عنه-.