وإن ماتَ قبلَ التَّمكُّنِ من غيرِ قتلِ نفسِهِ أو تلفَ الطَّعامُ قَبلَهُ بغيرِ تقصيرٍ منهُ ففيهِ قولَانِ؛ لأنَّهُ كالمُكرهِ، والأظهرُ عدمُ الحنثِ. وإنْ أتلفَهُ بأكلٍ أو غيرِهِ مختارًا ذاكرًا لحلفِهِ حنثَ، وإن تلفَ بغيرِ تقصيرٍ منه، أو أتلفَهُ أجنبيٌّ ولم يمكنْهُ دفعُهُ فلا يحنثُ على الأصحِّ كالمكرهِ.
وإن حلفَ ليقضينَّ حقَّه عندَ رأسِ الهلالِ، فليأخذ في القضاءِ عندَ دخولِ الشهرِ، ويكفي في ذلك أَنْ يشرعَ في أسبابِ القضاءِ من ذلكَ الوقتِ، فإذا أخذَ في إحضارِ المالِ ذلك الوقتِ وورثه كان ذلك مقتضيًا لبرِّة، وإن لم توجدْ حقيقة قضاء الدَّينِ عند رأسِ الهلالِ، ولهذا لو احتاجَ إلى زمانٍ طويلٍ في الكيلِ أو الوزنِ لم يحنثْ بعدَ الشُّروعِ في ذلكِ من أوَّلِ جزءٍ من تلكَ الليلةِ، فإنْ قدم القضاء على الوقتِ أو مضى بعد الغروبِ قدر إمكانِ ولم يفعلْ ما تقدَّم حنث.
ولو حلفَ لا يتكلَّمَ فسبَّحَ حنثَ على الأرجحِ؛ لأنَّهُ تكلَّمَ، ولكنَّه لم يكلِّمِ النَّاسَ، وهو لم يحلِفْ على أن لا يكلِّمَ النَاسَ، ولا يحنثُ إذا قرأ القرآنَ.
وإن حلفَ أَنْ لا يكلمه، فسلَّمِ عليه في غيرِ الصلاةِ حنثَ. وإن كاتَبَهُ أو راسلَهُ أو أشارَ إليه بيدِهِ أو غيرها فلا يحنثُ على الأظهرِ.
وإنْ قرأ آيةً وقعدا لِقراه، أو أطلقَ لم يحنثْ، وإلَّا حنثَ.
وإن حلفَ لا مالَ لهُ حنثَ بكلِّ نوعٍ من مالٍ، وإن قلَّ، بحيثُ يكونُ متمولًا حتى ثوبَ بدنِهِ، ومدبَّره، ومعلق عتقه على صفة في حياةِ المعلَّق، وأم ولدِهِ، ومقضي به كذلكَ، ودين حالّ، ومؤجَّلٌ في الأصحِّ، إلَّا الدين الذي للسَّيِّدِ على المكاتب، وإلَّا إذا مات المديون ولم يخلفْ تركة وليسرَ بالدينِ ضامنٌ لأنَّ الدينَ حينئذٍ صارَ في حكمِ العدمِ، لا مكاتبَ كتابةً صحيحةً على الأظهرِ.