الثالثُ: في كتابِ القاضِي إلى القاضِي من غيرِ حكمٍ.
وليس مِن شرطِ صحَّةِ الدعوى على الغائبِ أن تكونَ للمدَّعِي بينةٌ خِلافًا لما في "الروضة" تبعًا للشرحِ، ولا أن يدَّعي جُحودَهُ، ويكفي الإطلاقُ.
فإن قالَ:"هو مقرٌّ" لم تسمع بينتُه إلَّا في خمسةِ مواضِعَ:
أحدُها: أن يكونَ الغائبَ لا يُقبَلُ إقرارُه لسفهٍ ونحوِهِ.
الثاني: أن لا يكونَ إقرارُهُ مؤثِّرًا في المقصدِ الذي قامتْ به البينةُ، كمفلسٍ ادعي عليه دينُ معاملةٍ بعد الحجرِ، فإنَّه لا يمنع من سماعِ دعواهُ، ولا بينته بالمعاملة قوله:"هو مقرٌّ"، لأنَّ إقرارَهُ لا يؤثِّرُ فيما يقصد بالبينةِ الشاهدةِ بالمعاملةِ من المضاربَةِ، وكذلك لو قالَ الغائبُ:"هذه العينُ لزيدٍ، بل لعَمْرٍو"، ويريدُ الحاضرُ إقامةَ البينة على أنها لَهُ، فإنَّه لا يمنعُ من ذلك. قوله:"وهو مقر لي بذلكَ"، قال شيخنا: ويجيء في الرهنِ والجنايَةِ، ولم أرَ من تعرَّضَ لذلكَ.
الثالثُ: أَنْ يقولَ: هو مقرٌّ، ولستُ آمنُ جحودَهُ، فإنَّ الأرجحَ عندَ شيخِنا أنَّ القاضِيَ يسمعُ دعواه وبينتَهُ ويقضي بها، قال: وكذلك لو قالَ: هو مقرٌّ ممتنعٌ من تسليمِ حقِّي، فإنَّ المعتمدَ عندي السماعُ.