ومن ادَّعى على صبىٍّ أو مجنونٍ أو مفقودٍ أو ميتٍ، ولا نائبَ لهم فإذا أقام بينته حلفَ وجوبًا على أصحِّ الطريقينِ، وقيل فيه وجهان: أصحهما هذا، والثاني: أنَّ التحليفَ مستحبٌّ.
وإذا ادَّعى وكيلُ الغائبِ على غائبٍ فلا بدَّ من حلفِ الغائبِ المدعي له قبل أن يقضِي القاضِي على الغائب، على المعتمدِ كما قاله شيخُنا، فيؤخَّرُ القضاءُ إلى أن يحضَ المدَّعى لَهُ، ويحلفُ، ولو حضرَ المدعَى عليه وقال لوكيلِ المدعي:"أبرأَنِي مُوكلُكَ"، وكانَ موكِّلُه غائبًا عنِ البلدِ دونَ العدوى، فؤمرُ بالتسليمِ، فلو طلبَ الحاضرُ من الوكيلِ أن يحلفَ على نفي العلمِ بأنَّ موكِّلَهُ لم يبرئهُ أو لم يستوفِ منهُ أو لم يعلمْ أنَّ موكِّلَهُ عزله ونحو ذلك مما لو اعترفَ به الوكيلُ لسقطتْ مطالبتُهُ، فإنَّ القاضِي يُجيبُهُ إلى ذلكَ، ويحلفُ الوكيلُ حينئذٍ.
وإن ثبتَ مالٌ على غائبٍ، وله مالٌ حاضرٌ قضاهُ الحاكمُ منهُ إذا لم يقتضِ الحالُ إجبارَ الحاضرِ على دفعِ مقابله للغائب فإن كانَ كما في الزوجَةِ تدعي بصداقها الحال قبل الدخولِ على الغائبِ، وله مالٌ حاضرٌ فلا يوفيها القاضِي منهُ، لأن الزوجَ والزوجَةَ يُجبرانِ، وقضيةُ إجبارِهما امتناعُ قضاءِ الصداقِ من مالِ الغائبِ.
ومثلُهُ لو كانَ البائعُ حاضرًا وادَّعَى بالثمنِ على المشتري الغائبِ، فإنَّه لا تسمعُ هذه الدَّعوى؛ لأنَّه لا يلزم الغائبَ تسليمه؛ لأن البائعَ يجبر على التسليمِ.
ومما يُمنعُ الوفاءُ من ذلكَ المالُ الحاضِرُ الذي للغائبِ ما إذا كانَ هناكَ بائعٌ له لم يقبضْهُ الثمنَ، وطلبَ من الحاكمِ الحجرَ على المشتري الغائبِ، حيثُ استحقَّ البائعُ ذلك، فإنَّ القاضِيَ لا يوفِّي مدَّعِي الدينِ في المال