للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا غلطَ القاضِي فحكمَ بشاهدينِ، فبانا كافرينِ، أو عبدينِ، أو صبيينِ، أو بانَ أحدُهما خُنثَى كذلك عند أداءِ الشَّهادَةِ أو عندَ الحكمِ، فالحكمُ مردودٌ، ولا يحتاجُ إلى نقضٍ؛ لأنَّه تبيَّنَ أنَّ الحكمَ يصادِفُ محلًّا (١).

لكن إذا كانَ الحاكمُ بشهادَةِ الشَّاهدينِ اللَّذَيْنِ تبيَّن أنهما كافرانِ من معتقدِهِ جوازُ الحكمِ بشهادَةِ الكافرِ، إمَّا على الكافرِ وإمَّا في الشهادَةِ بالوصيَّةِ في السفرِ كما قال به جمعٌ من العلماءِ، فلا يكونُ حكمُهُ منقوضًا على مقتضى ما ذكرَهُ في "الروضةِ" تبعًا للشرحِ في صورةِ العبدين مِن أنَّ الصورةَ مفروضةٌ فيمن لا يعتقدُ الحكمَ بذلك.

وإذا أعتقَ مريضٌ عبدينِ في مرضِ الموتِ، وشهدَا عندَ حاكمٍ وقد ثبتَ عندَهُ عِتْقُهما، فماتَ المريضُ، ولم يُخْرَجا من الثُّلثِ، فقد تبيَّنَ أنَّهما عبدانِ حالة الشَّهادَةِ، وتبينَ أن الحكمَ مردودٌ إذا كانَ الحاكمُ ممن يعتقدُ أنَّ شهادَةَ العبدِ لا تُقبلُ، فإن كانَ ممن يعتقدُ قبولها، فقد سبقَ ما فيه.

وإن بانَ أن الشاهدينِ فاسقانِ، فالحكمُ مردودٌ على المذهب، ولو شهدَ كافرٌ مُعْلِنٌ بكفرِهِ، أو عبدٌ أو صبيٌ، ثم أعادها بعد كماله، قُبلتْ (٢).

ولو شهد فاسقٌ غير مُعْلِنٍ بفسقِهِ رُدَّت شهادتُهُ، ثم تابَ وأعادها لم تُقبل، بخلافِ سائرِ الشهاداتِ.

ولا يكفي لقبولِ الشهادَةِ إظهارُ التوبَةِ عنِ المعصيةِ، بل يُختبرُ مدَّةً يغلبُ على الظنِّ فيها صدقُهُ في توبتِهِ، وقدَّرها الشافعيُّ بأشهرٍ، والعبرةُ ببينةٍ تقومُ عندَ القاضِي بتوبتِهِ وصلاحِ حالِهِ بعدَ توبتِهِ، أو بعلمِ القاضِي ذلك (٣).


(١) "روضة الطالبين" (١١/ ٢٥١).
(٢) "روضة الطالبين" (١١/ ٢٥١).
(٣) "روضة الطالبين" (١١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>