للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كانَ فسقُ الشاهدِ مختلفًا فيه، أو كانَ مع فسقِه أهلًا للشهادَةِ عند قومٍ يحكى عنهم قبولُ شهادَةِ الفاسقِ الذي لا يكذِبُ (١)، وشهدَ عندَ مَن يرى فسقَهُ، أو يرى أنَّه لا تقبلُ شهادَتُهُ، وإن كانَ لا يكذبُ، ولم يحكم بردِّ شهادته، وإنما توقَّفَ ليستبرئ حالَه، ثم تابَ وأعادَ تلك الشهادةَ، فإنها تُقبلُ، كما قالَ شيخُنا؛ لأنَّه لا يدفعُ عن نفسهِ بالإعادَةِ عارَ الكذِب، ولا عار الردِّ لعدمِهِ (٢).

ويشترطُ في توبةِ معصيةٍ قوليةٍ القولُ (٣)، إذا كان يُبرِزُها قائلُها على صورةِ أنَّه مُحِقٌّ فيها، كالقاذِفِ، والشَاهدِ بالقذفِ، إذا لم يتمَّ الشُّهودُ، والشاهدُ بالزورِ -على ما سيأتي-، فيقولُ القاذِفُ: القذفُ باطلٌ حرامٌ، ولو قالَ: ما كنتُ مُحِقًّا في قذفِي، وقد تُبْتُ منه، ونحو ذلكَ كانَ كافيًا، وكذلكَ يكتفي بقولهِ: تُبتُ من القذفِ.

وأمَّا شهادَةُ الزُّورِ، فإن ثبتَ زورُ الشاهدِ بإقرارِهِ فقد اعترَفَ بلسانِهِ بزورهِ، ويكفيه ذلك، وإن ثبتَ بغير إقرارِهِ فيكفيهِ أَنْ يقولَ: تبتُ من شهادَةِ الزورِ.

ويُشترطُ في القوليَّةِ وغيرِ القوليَّةِ إقلاعٌ وندمٌ، واستغفارٌ، والخروجُ مما عليه من ظَلَامةِ آدميٍّ، فلو تلفَ المالُ الذي ظَلَمَ بأخذِهِ أو أتلفه ثُم أَعْسَرَ به فإنَّه يُنظرُ به إلى ميسرتِهِ، وصحَّتْ توبتُه.


(١) ذكره الغزاليُّ في "الوسيط" (٧/ ٣٦١ - ٣٦٢).
(٢) نقله عن البلقيني: زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (٤/ ٣٥٣).
(٣) "روضة الطالبين" (١١/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>