والرملي في كتبهما على الترتيب والكيفية التي صنف بها علماء المذهب كتبهما وكتب من جاء بعدهما.
وهذا الاعتماد على كتب ابن حجر والرملي ينبغي أن لا يصرف نظر الباحث عن الحقيقة العلمية وراء ذلك، وهي أن كتب ابن حجر والرملي إنما هي حلقة في سلسلة ذهبية من كتب أكابر علماء الشافعية تمتد عبر القرون حتى تصل إلى مؤسس المذهب: الإِمام الشافعي.
فـ "التحفة" و"النهاية" كلاهما شرح لـ "منهاج الطالبين"، و"منهاج الطالبين" مختصر النووي من "المحرر"، و"المحرر" مختصر الرافعي من "الوجيز"(٥) الذي شرحه الرافعي بشرحين، واختصر النووي أحدهما في كتاب "الروضة"، و"الوجيز" من "الوسيط"، و"الوسيط" من "البسيط"، والثلاثة كلها للإمام أبي حامد الغزالي، ولقد استقى الإِمام الغزالي كتابه "البسيط" من كتاب "نهاية المطلب" لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد اللَّه الجويني، و"نهاية المطلب" شرح "المختصر" للمزني، ومختصر المزني -تلميذ الشافعي- من مؤسسي المذهب الشافعي.
هذا التسلسل الفريد والارتباط الحسن يجعل النفس تطمئن اطمئنانًا عجيبًا إلى صدق تمثيل هذه الكتب ومؤلفيها لمذهب الإِمام الشافعي.
ومن ناحية أخرى فإن كتاب شيخ الإِسلام الأنصاري: المنهج اختصار لمنهاج النووي والخطيب الشربيني شرح المنهاج في كتابه "مغني المحتاج".
ولقد تبين مما عرض عليك أن الحواشي اللاحقة لهؤلاء كلها مستقاة من كتب الشيوخ: زكريا الأنصاري، والخطيب الشربيني، والرملي، وابن حجر.
* * *
(٥) وبعض الباحثين يعترض على ذلك، ويعتبر المحرر للرافعي كتابًا مستقلًّا.