للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأموات والفساد الذي لا سبيل إلى دفعه إلا بمنعهن منها= أعظم مفسدة من مصلحة يسيرة تحصل لهن بالزيارة. والشريعة مبناها على تحريم الفعل إذا كانت مفسدتُه أرجحَ من مصلحته، ورجحان هذه المفسدة لا خفاء به، فمنعهن من الزيارة من محاسن الشرع.

وقد روى البيهقي وغيره (١) من حديث محمد ابن الحنفية عن علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في جنازة فرأى نسوةً جلوسًا فقال: «ما يجلسكن؟» فقلن: الجنازة فقال: «أتَحمِلن فيمن يحمل؟» قلن: لا، قال: «فتُدلين فيمن يُدلي؟» قلن: لا، قال: «فتغسلن فيمن يغسل؟» قلن: لا، قال: «فارجِعْن مأزوراتٍ غير مأجورات». وفي رواية: «فتَحْثِين فيمن يَحْثُو؟» ولم يذكر الغسل.

فهذا يدل على أن اتباعهن الجنازة وِزرٌ لا أجرَ لهن فيه، إذ لا مصلحةَ لهن، ولا للميت في اتباعها، [ق ١٧٢] بل مفسدة للحي والميت.

قالوا: وأما حديث عائشة، فالمحفوظ فيه حديث الترمذي مع ما فيه. وعائشة إنما قدمت مكة للحج، فمرَّت على قبر أخيها في طريقها فوقفت عليه. وهذا لا بأس به، إنما الكلام في قصد الخروج لزيارتهن. ولو قُدِّر أنها


(١) البيهقي (٤/ ٧٧)، وابن ماجه (١٥٧٨)، والبزار (٦٥٣)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٣/ ٩٠١)، كلهم من طريق إسرائيل، عن إسماعيل بن سلمان، عن دينار أبي عمر، عن ابن الحنفية به.
إسناده ضعيف، إسماعيل بن سلمان ضعيف واهي الحديث، وقد تفرد به من هذا الوجه، وقد أغرب ابن الجوزي حيث قال: جيّد الإسناد! وروي نحوه من مسند أنس لكنه لا يثبت أيضًا. انظر: «العلل» للدارقطني (٢٦٣٥)، و «العلل المتناهية»، و «السلسلة الضعيفة» (٢٧٤٢).