للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تملُّكها، ولا غرضَ لهما فيها بحال. وإنما الغرض والمقصود بالقصد الأول: مائة بمائة وعشرين، وإدخالُ تلك السلعة في الوسط تلبيس وعبث، وهي بمنزلة الحرف الذي لا معنى له في نفسه، بل جِيء به لمعنًى في غيره، حتى لو كانت تلك السلعة تساوي أضعاف ذلك الثمنِ أو أقلَّ جزء من أجزائه لم يبالوا بجعلها مورِدًا للعقد، لأنهم لا غرض لهم فيها، وأهلُ العرف لا يكابرون أنفسهم في هذا.

وأما النية والقصد، فالأجنبي المشاهد لهما يقطع بأنه لا غرض لهما في السلعة وأن القصد الأول: مائةٌ بمائةٍ وثلاثين (١)، فضلًا عن علم المتعاقدَين ونيتهما، ولهذا يتواطأ كثير منهم على ذلك قبل العقد، ثم يُحضران تلك السلعة محلِّلًا لما حرم الله ورسوله.

وأما المقام الثاني ــ وهو أن الوسيلة إلى الحرام حرام ــ فثابت بالكتاب والسنة والفطرة والمعقول، فإن الله سبحانه مسخ اليهود قردةً وخنازير لمّا توسلوا إلى الصيد الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحةً.

وسمى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون مثل ذلك مخادعة، كما تقدم. وقال أيوب السختياني: «يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمرَ على وجهه كان أسهل» (٢). والرجوع إلى الصحابة في معاني الألفاظ متعين، سواء كانت لغويةً أو شرعية، والخداع حرام.


(١) كذا في الأصل و (هـ)، وفي ط. الفقي: «وعشرين» موافقًا لما سبق.
(٢) علَّقه البخاري بنحوه مجزومًا به في «الحيل»، باب ما يُنهى من الخداع في البيوع. ووصله وكيع بن الجرّاح في «مصنّفه» ــ كما في «تغليق التعليق» (٥/ ٢٦٤) ــ عن ابن عيينة، عنه.