للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نهى عن التخلِّي في الظل النافع, وتخلَّى مستترًا (١) بالشجرتين والحائط, حيث لم ينتفع أحدٌ بظلِّهما, فلم يُفسد ذلك الظلَّ على أحد.

وبهذا الطريق يُعْلَم أنه إذا كان - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن البول في الماء الدائم, مع أنه قد يحتاج إليه, فَلَأنْ ينهى عن البول في إناء ثم صبّه فيه بطريق الأولى.

ولا يستريب في هذا مَن عَلِم حكمةَ الشريعة, وما اشتملت عليه مِن مصالح العباد ونصائحهم. ودع الظاهريةَ البحتةَ, فإنها تقسّي القلوب, وتحجبها عن رُؤية محاسن الشريعة وبهجتها, وما أودعته من الحِكَم والمصالح، والعدل والرحمة.

وهذه الطريق التي جاءتك عفوًا تنظر إليها نَظَر مُتّكئ على أريكته قد تَقَطَّعَت في مفاوزها أعناقُ المَطي, لا يسلكها في العالَم إلا الفرد بعد الفرد, ولا يعرف مقدارَها إلَّا (٢) من أقْرَحَت قلبَه الأقوالُ المختلفة, والاحتمالات المتعدِّدة, والتقديرات المستبعدة. فإن علت هِمّتُه جعل مذهبَه عُرضةً للأحاديث النبوية, وخِدْمته بها, وجعله أصلًا محكمًا يردّ إليه متشابهها, فما


(١) في الأصل: "مشيرًا" خطأ.
(٢) كذا في الأصل، وأسقطت (إلا) من المطبوعات. ويكون المعنى بإثباتها: أنه لا يعرف مقدار هذه الطرق إلا من تعب في النظر في الأقوال المختلفة، والاحتمالات ... فلما وجد هذه الطريق عرف قيمتها. لكن يشكل عليه بقية الكلام: "فإن علت همته ... "، فإنه لا يستقيم المعنى إلا بحذف "إلا"، أي: أنه لا يعرف مقدار هذه الطريق من فسد قلبه لامتلائه بكثرة الاحتمالات والتأويلات البعيدة .. إلخ.