للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الدية، فكذا في اللطمة ونحوها، لما تعذَّرت صرنا إلى التعزير.

قال المجوزون: القصاص في ذلك أقرب إلى الكتاب والسنة والقياس والعدل من التعزير.

أما الكتاب: فإن الله سبحانه قال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]، وقال: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]، ومعلوم أن المماثلة مطلوبة بحسب الإمكان، واللطمة أشد مماثلةً للطمة والضربة للضربة من التعزير لها، فإنه ضَرْب في غير الموضع، غير مماثل لا في الصورة، ولا في المحل، ولا في القدر؛ فأنتم فررتم من تفاوتٍ لا يمكن الاحتراز منه بين اللطمتين، فصرتم إلى أعظمَ تفاوتًا منه، بلا نصٍّ ولا قياس.

قالوا: وأما السنة، فما ذكرنا من الأحاديث في هذا الباب، وقد تقدمت، ولو لم يكن في الباب إلا سنة الخلفاء الراشدين لكفى بها دليلًا وحجة.

قالوا: فالتعزير لا يعتبر فيه جنس الجناية، ولا قدرها، بل قد يعزِّره بالسوط والعصا ويكون إنما ضربه بيده أو رِجله، فكانت العقوبة بحسب الإمكان في ذلك أقرب إلى العدل الذي أنزل الله به كتبه وأرسل به رسله.

قالوا: وقد دل الكتاب والسنة في أكثر من مائة موضع على أن الجزاء من [ق ٢٢٧] جنس العمل في الخير والشر، كما قال تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ: ٢٦] أي: وَفق أعمالهم، وهذا ثابت شرعًا وقدرًا.

أما الشرع، فلقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... } إلى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥]، فأخبر سبحانه أن الجروح