للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - بعد تكذيبهم: «لو أراد الله أن يخلقه ما استطعتَ أن تصرفه» (١).

قال ابن القيم - رحمه الله -: فاليهود ظنّت أن العزلَ بمنزلة الوأد في إعدام ما انعقد سببُ خلقِه, فكذّبهم في ذلك، وأخبر أنه لو أراد الله خَلْقه ما صرفه أحدٌ.

وأما تسميته «وأدًا خفيًّا» فلأنّ الرجل إنما يعزل عن امرأته هربًا مِن الولد وحرصًا على أن لا يكون، فجرى قصدُه ونيَّتُه وحرصُه على ذلك مجرى مَن أعدمَ الولدَ بوأده, لكن ذاك وَأْدٌ ظاهر باشره (٢) العبدَ فعلًا وقصدًا، وهذا وأْدٌ خفيّ, إنّما أراده ونواه عزمًا ونية, فكان خفيًّا.

وقد روى الشافعيُّ (٣) [ق ٩٠] تعليقًا، عن سليمان التيمي، عن أبي عَمرو الشيباني، عن ابن مسعود في العَزْل, قال: «هو الوَأْد الخفيّ».

وقد اختلف السلف والخلف في العزل، فقال الشافعي: ونحن نروي (٤) عن عددٍ من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنهم رخَّصوا في ذلك، ولم يروا به بأسًا.

قال البيهقي (٥): ورُوِّينا الرخصةَ فيه من الصحابة عن سعد بن أبي


(١) كلام المنذري بطوله من (خ- المختصر) (ق ١٨٧ أ) نسخة دار الكتب. ولا وجود لها في مطبوعة المختصر. وقد أعاد المؤلف بعضَ كلام المنذري مع زيادات.
(٢) ط. الفقي: «من» تصحيف.
(٣) في «الأم»: (٨/ ٤٣٠ - ٤٣١). وجاء تسميته بالوأد الخفي في «صحيح مسلم» (١٤٤٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) تصحفت في ط. الفقي إلى: «الشافعي وغيره: يروى ... ».
(٥) في «معرفة السنن والآثار»: (٥/ ٣٦٦)، والآثار عنهم في «السنن الكبير»: (٧/ ٢٣٠ - ٢٣١).