للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا: وهذا مقتضى قواعد الشريعة؛ فإن الطلاق لمّا كان منقسمًا إلى حلال وحرام, كان قياس قواعد الشرع أن حرامه باطل غير معتدٍّ به, كالنكاح وسائر العقود التي تنقسم إلى حلال وحرام, ولا يَرِد على ذلك الظِّهار, فإنه لا يكون قطّ إلا حرامًا, لأنه منكرٌ من القول وزور, فلو قيل: لا يصح, لم يكن للظهار حكم أصلًا.

قالوا: وكما أن قواعد الشريعة أن النهي يقتضي التحريم, فكذلك يقتضي الفساد, وليس معنا ما يستدلُّ به على فساد العقد إلا النهي عنه.

قالوا: ولأنّ هذا طلاقٌ مَنَع منه صاحبُ الشرع, وحَجَر على العبد في إيقاعه, فكما أفاد منعه وحجره عدم جواز الإيقاع أفاد عدمَ نفوذِه, وإلّا لم يكن للحَجْر فائدة, وإنما فائدة الحَجْر عدم صحة ما حُجِر على المكلَّف فيه.

قالوا: ولأن الزوج لو أذن لرجلٍ بطريق الوكالة أن يطلِّق امرأتَه طلاقًا معيَّنًا، فطلَّق غير ما أُذِنَ له فيه, لم ينفذ لعدم إذنه. والله سبحانه إنما أذن للعبد في الطلاق المباح, ولم يأذن له في المحرَّم, فكيف تصححون ما لم يأذن به وتوقعونه, وتجعلونه من صحيح أحكام الشرع؟!

قالوا: ولأنه لو كان الطلاق نافذًا في الحيض لكان الأمر بالمراجعة والتطليق بعده تكثيرًا من الطلاق البغيض إلى الله, وتقليلًا لما بقي من عدده الذي يتمكَّن من المراجعة معه. ومعلومٌ أنه لا مصلحة في ذلك.

قالوا: وإن مفسدة الطلاق الواقع في الحيض, لو كان واقعًا, لا يرتفع بالرجعة والطلاق بعدها, بل إنما يرتفع بالرجعة المستمرَّة التي تلمُّ شَعَث النكاح, وترقع خرقه. فأما رجعة يَعْقُبها طلاق, فلا تزيل مفسدة الطلاق الأول, لو كان واقعًا.