للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا: وأما دعوى النسخ فلا سبيل إلى صحتها، ونحن نذكر ما احتجوا به على النسخ ثم نبين ما فيه.

قالوا: قد صح عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم. قال الشافعي (١): وسماع ابن عباس (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، ولم يكن يومئذ مُحْرِمًا، ولم يَصْحبه محرمًا قبل حجة الإسلام. فذكر ابن عباس حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الإسلام سنة عشر، وحديث «أفطر الحاجم والمحجوم» سنة ثمان، فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ.

قالوا: ويدل على النسخ حديثُ أنس في قصة جعفر، وقد تقدم.

قالوا: ويدل عليه حديث أبي سعيد في الرخصة فيها، والرخصة لا تكون إلا بعد تقدم المنع.

قال المفطرون: الثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم، وأما قوله: «وهو صائم» فإن الإمام أحمد قال: لا تصح هذه اللفظة، وبيّن أنها وهم، ووافقه غيره (٣) على ذلك، وقالوا: الصواب «احتجم وهو محرم»، وممن ذكر ذلك عنه الخلال في كتاب «العلل» (٤).


(١). «اختلاف الحديث» (١٠/ ١٩٢ - ضمن «الأم»)، ونقله البيهقي في «السنن» (٤/ ٢٦٨)، و «المعرفة» (٦/ ٣١٨).
(٢). كذا في الأصل وكتابي البيهقي، وعليه بنى المؤلف تعقبه لكلام الشافعي. وفي «اختلاف الحديث»: «ابن أوس» أي: شدّاد راوي حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفطر الحاجم والمحجوم» عامَ الفتح.
(٣). كالحافظين الرازيّين في «العلل» (٦٦٣).
(٤). لم يذكره ابن قدامة في «المنتخب». وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٥٣)، و «زاد المعاد» (٢/ ٦١ - ٦٢).