للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناس وصام بعض، فبلغه أن ناسًا صاموا فقال: «أولئك العصاة».

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أفطر بعد العصر ليقتدوا به، فلمّا لم يقتدِ به بعضهم قال: «أولئك العصاة» ولم يُرِد بذلك تحريم الصيام مطلقًا على المسافر. والدليل عليه ما روى النسائي (١) أيضًا عن أبي هريرة قال: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم -[بطعام] (٢) بمَرِّ الظَّهْران، فقال لأبي بكر وعمر: «أَدْنِيا (٣)، فكلا»، فقالا: إنا صائمان، فقال: «ارْحَلُوا لصاحبَيكم (٤)،اعملوا لصاحبَيكم!»، وأعله بالإرسال. ومر الظهران أدنى إلى مكة من كُراع الغميم، فإن كراع الغميم بين يدي عُسفان بنحو ثمانية أميال، وبين عسفان ومكة (٥) ستة وثلاثون ميلًا.

قالوا: وأما احتجاجكم بالآية، وأن الله أمر المسافر بالعدّة، فهي فرضه الذي لا يجوز غيره= فاستدلال باطل قطعًا، فإن الذي أنزلت عليه هذه الآية، وهو أعلم الخلق بمعناها والمراد منها، قد صام بعد نزولها بأعوام في السفر، ومحال أن يكون المراد منها ما ذكرتم، ولا يعتقده مسلم، فعلم أن المراد بها


(١). «المجتبى» (٢٢٦٤)، و «الكبرى» (٢٥٨٤) وقال فيه: «هذا خطأ، لا نعلم أحدًا تابع أبا داود [الحَفَري] على هذه الرواية، والصواب مُرسل». ثم أخرجه (٢٥٨٥ - ٢٥٨٧) من عدّة طرق مرسلًا. ومع ذلك فالموصول صححه ابن خزيمة (٢٠٣١)، وابن حبان (٣٥٥٧)، والحاكم (١/ ٤٣٣).
(٢). ساقط من الأصل.
(٣). كذا في الأصل و «المجتبى» من «الإدناء» بهمزة التعدية، أي قرِّبا أنفسكما. وفي «الكبرى» وبقية المصادر: «ادْنُوَا»، وهو واضح.
(٤). في الأصل هنا والموضع الآتي: «لصاحبكم»، والتصحيح من مصادر التخريج.
(٥). في الطبعتين: «مكة وعسفان»، وهكذا كتبه ناسخ الأصل أولًا، ثم وضع عليهما علامة التقديم والتأخير، فلم ينتبه لها محققو الطبعتين.