للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجوز أن تكون وقائع متعددة. وهذا القائل لو تأمل سياق الحديث لاستحيا من هذا القول، فإن سياقه: أنه أناخ راحلته بباب المسجد، ثم تفلَّتت فذهب يطلبها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، فقال بعد ذلك: «وايم الله! وددت لو أني قعدت وتركتُها»، فيا سبحان الله! أفي كل مرة من المرار يتفق له هذا؟! وبالجملة، فهذه طريقة من لا تحقيق له.

وإذا كان عمر إنما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة واحدة، فإن كان «يومًا» فلا دلالة فيه، وإن كان «ليلةً»، فالليالي قد تطلق ويراد بها الأيام استعمالًا فاشيًا في اللغة لا ينكر، كيف وقد روى سعيد بن بشير عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أوف بنذرك» (١).

وسعيد بن بشير هذا، وإن كان قد ضعفه ابن المديني ويحيى بن معين والنسائي، فقد قال فيه شعبة: كان صدوق اللسان، وقال سفيان بن عيينة: كان حافظًا، وقال دُحَيم: هو ثقة، وقال: كان مشيختنا يوثقونه، وقال البخاري: يتكلمون في حفظه وهو يُحْتَمَل، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سمعت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء وقال: محله الصدق، وقال ابن عدي: الغالب على حديثه الاستقامة (٢).

وقد روى عبد الله بن بُديَل (٣)، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن


(١). أخرجه الدارقطني (٢٣٦٥)، والبيهقي (٤/ ٣١٧)، وقد سبق الكلام عليه.
(٢). انظر للأقوال السابقة وغيرها: «الجرح والتعديل» (٤/ ٦)، و «ميزان الاعتدال» (٢/ ١٢٨)، و «تهذيب الكمال» (٣/ ١٣٩).
(٣). في الأصل وط. الفقي: «يزيد» تحريف، وسيأتي على الصواب قريبًا.