للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالث: أن غايته الدلالة على استحباب الصوم في الاعتكاف، فإن قوله: «السنة» إنما يفيد الاستحباب، وقوله: «لا اعتكاف إلا بصوم» نفي للكمال.

قال الموجبون: الجواب عما ذكرتم:

أما تضعيف عبد الرحمن بن إسحاق، فقد روى له مسلم في «صحيحه»، ووثقه يحيى بن معين وغيره.

وأما قولكم: إنه من قول الزهري، ومن أدرجه فقد وهم، فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنّا لو تُرِكنا وهذا، لكان ما ذكرتم قادحًا، ولكن قد روى الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة قالت: «من اعتكف فعليه الصوم» (١)، فهذا يقوِّي حديث الزهري.

الثاني: أنه ولو ثبت أنه من كلام الزهري، فهو يدل على أن السنة المعروفة التي استمر عليها العمل أنه لا اعتكاف إلا بصوم، فهل عارض هذا سنةٌ غيرها حتى تُقابَل به؟

وأما قولكم: إن هذا إنما يدل على الاستحباب، فليس المراد بالسنة هاهنا مجرد الاستحباب، وإنما المراد طريقةُ الاعتكاف وسنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المستمرة فيه. وقوله: «ولا اعتكاف إلا بصوم» يبين ذلك.

وقولكم: «إنه لنفي الكمال» صحيح، ولكن لنفي الكمال (٢) الواجب، أو المستحب؟ الأول مسلَّم، والثاني ممنوع، والحمل عليه بعيد جدًّا، إذ لا


(١). أخرجه عبد الرزاق (٨٠٣٧)، وابن أبي شيبة (٩٧١٥).
(٢). في الأصل و (هـ) والطبعتين: «كمال»، ولعل الصواب ما أثبت.