للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حرام»، فإن التحريم إنما يتناول (١) ما لم يقع فيه الإذن من الشارع ولا المالك، وأما ما أَذِن فيه منه فليس بحرام.

ولهذا يُنتزع منه الشِّقْص المشفوع بغير رضاه، لإذن الشارع. ويُنتزع منه ما تدعو إليه ضرورة من طعام أو شراب، إما مجّانًا على أحد القولين، أو بالمعاوضة على القول الآخر. ويُكرَه على إخراج ماله لأداء ما عليه من الحقوق، وغير ذلك. وهذه الصور وأمثالها ليست مستثناةً من هذه النصوص، بل النصوص لم تتناولها، ولا أريدت بها قطعًا.

وأما حديث ابن عمر: «لا يحلبنَّ أحدكم ماشية أخيه بغير إذنه»، فحديث صحيح متفق على صحته.

وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في جواز احتلاب الماشية للشرب ــ ولا خلاف في مذهبه أنه لا يجوز احتلابها لغيره وهو كالخبنة في الثمار ــ فمنعه في إحدى الروايتين أخذًا بحديث ابن عمر، وجوّزه في الأخرى أخذًا بحديث سمرة (٢).

ومن رجّح المنع قال: حديث ابن عمر أصح، فإن حديث سمرة من رواية الحسن عنه، وهو مختلف في سماعه منه. وأما حديث ابن عمر، فمِن رواية الليث وغيره عن نافع عنه، ولا ريب في صحته.

قالوا: والفرق بينه وبين الثمرة أن اللَّبَن مخزون في الضرع، كخَزْن الأموال في خزائنها، ولهذا شبَّهها النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وأخبر أن استخراجها


(١) في الأصل: «تناول»، والمثبت من (هـ).
(٢) انظر: «المغني» (١٣/ ٣٣٦)، و «الإنصاف» (٢٧/ ٢٥٩ - ٢٦١).