للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال إن الأرض مدورة متعلّقة بالهواء، فيكون ما يدور بها من الأميال سبعة وعشرين ألف ميل.

ثم نظر في العمران فوجد من الجزيرة العامرة التي في المغرب إلى البحر الأخضر إلى أقصى عمران الصين، إذا طلعت الشمس في الجزائر التي سمّيناها، غابت بالصين، وإذا غابت في هذه الجزائر طلعت بالصين، فذلك نصف دوّارة الأرض، وذلك ثلاثة عشر ألف ميل وخمسمائة ميل طول العمران. ثم نظر أيضا في العمران فوجد عمران الأرض من ناحية الجنوب إلى ناحية الشمال: أعني من دوّارة الأرض حيث استوى الليل والنهار في الصيف إلى عشرين ساعة، والليل أربع ساعات، وفي الشتاء خلاف ذلك، الليل عشرون ساعة والنهار أربع ساعات، فقال إن استواء الليل والنهار في جزيرة بين الهند والحبشة من ناحية الجنوب التي من التيمن وهو ستّون جزءا، ما يكون له أربعة آلاف وخمسمائة ميل، فإذا ضربت السدس في النصف الذي هو نصف دوّارة الأرض من حيث استوى الليل والنهار، تجد العمران الذي يعرف، نصف سدس جميع الأرض.

واختلف آخرون في مبلغ الأرض وكميّتها، فروي عن مكحول أنه قال: مسيرة ما بين أدنى الأرض إلى أقصاها خمسمائة سنة، مائتان من ذلك قد غمرهما البحر، ومائتان ليس يسكنهما أحد، وثمانون يأجوج ومأجوج، وعشرون فيها سائر الخلق. وعن قتادة، قال: الدنية أربعة وعشرون ألف فرسخ، فملك السودان منها اثنا عشر ألف فرسخ، وملك العجم ثلاثة آلاف فرسخ، وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ، وملك العرب ألف فرسخ. ورواية أخرى عن بطليموس أنّه خرّج مقدار الدنيا واستدارتها من المجسطي بالتقريب، فقال: استدارة الأرض مائة ألف وثمانون ألف إسطاديون، والإسطاديون مساحة أربعمائة ذراع، وهي أربعة وعشرون ألف ميل، فيكون ثمانية آلاف فرسخ بما فيها من الجبال والبحار والفيافي والغياض. قال: وغلظ الأرض، وهو قطرها، سبعة آلاف وستمائة وثلاثون ميلا، تكون ألفين وخمسمائة فرسخ وأربعين فرسخا وثلثي فرسخ. قال: فتكسير جميع بسيط الأرض مائة واثنان وثلاثون ألف ألف وستمائة ألف ميل، يكون مائتي ألف وثمانية وثمانين ألف فرسخ.

واختلفوا أيضا في كيفية عدد الأرضين، قال الله عز وجل: «الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمن الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ» ٦٥: ١٢. فاحتمل هذا أن يكون في العدد والاطباق فروي في بعض الأخبار أن بعضها فوق بعض، وغلظ كل أرض مسيرة خمسمائة عام، وقد عدّد بعضهم لكل أرض أهلا على صفة وهيئة عجيبة، وسمّى كل أرض باسم خاص كما سمّى كل سماء باسم خاصّ. وعن عطاء بن يسار في قول الله عز وجل: «الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمن الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ» ٦٥: ١٢ قال: في كل أرض آدم كآدمكم، ونوح كنوحكم، وإبراهيم كابراهيكم، والله أعلم.

وقالت القدماء إن الأرض سبع على المجاورة والملاصقة، فافتراق الأقاليم على المطابقة والمكابسة، والمعتزلة من المسلمين يميلون إلى هذا القول، ومنهم من يرى أن الأرض سبع على الارتفاع والانخفاض، كدرج المراقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>