للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٧٦]، والحيلة في صَرْف الأوقات إلى التحصيل أَنَّهُ إِذا مَلَّ مِن عِلْمٍ اسْتغلَ بآخَرَ كما قال ابن عبّاس إذا مَلَّ من الكلام مع المُتعلِّمين: هاتوا دواوينَ الشُّعراء (١).

فَتْحٌ: ومنها اختيارُ مُعلِّمٍ ناصحٍ، نَقِيِّ الحَسَبِ، كَبيرِ السِّنِّ، لا يُلابِس الدُّنيا بحيث تُشْغِله عن دينه، ويُسافِرُ في طَلَب الأستاذ إلى أقصى البلاد، ويقال: أوّل ما يُذكر من المرء أستاذه، فإن كانَ جليلًا جَلَّ قَدْرُه (٢)، وإذا وُجِدَ يُلْقِي إليه زمامَ أَمْرِه ويُذْعِن لنُصْحِه إذعان المريض للطَّبِيب، ولا يَسْتَبِد بنفسه اتكالا على ذهنه، ولا يتكبر عليه وعلى العِلم، ولا يَسْتَنْكف؛ لأنَّه قد ورد في الحديث: "من لم يتحمل ذل التّعلّم ساعة بقي في ذل الجهل أبداط (٣).

ومن الآداب احترام المُعلِّم وإجلاله، فمن تأذَى منه أستاذه يُحْرَم بَرَكة العِلْم، ولا يَنْتَفِع به إلا قليلًا وينبغي أن يُقَدِّمَ حَقَّ مُعلّمه على حَقِّ أبويه وسائر المُسلمين. ومن تَوْقِيرِه تَوْقيرِ أولاده ومُتَعَلَّقاتِه، ومن تعظيم العِلْم تَعْظيم الكتب والشَّرَكاء.

فَتْحٌ: ومن الشروط أن يأتي على ما قرأهُ مُسْتوعِبًا لمسائله من مبادئه إلى نهايته بتفهيم واستثباتِ بالحُجَج وأن يَقْصد فيه الكتب الجيدة، وأن لا يعتقد في علم أنه حَصَّلَ منه على مِقدارٍ لا يُمكن الزيادة عليه، وذلكَ طَيْش يوجِبُ الحِرْمان.


(١) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وقد نقل عن حاجي خليفة، نقله صاحب كتاب أبجد العلوم ص ١٣٥.
(٢) كتب المؤلف في حاشية نسخته معلقا: "وإنما خفض ذكر محمد بن مقاتل عند أهل العراق لأنه لم يعرف له أستاذ جليل القدر".
(٣) لا تصح نسبته إلى النبي ، وقد أورده السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء، ص ١٤٥، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٧/ ٨٢، وابن مفلح في الآداب الشرعية ٢/ ٢٥ منسوبًا إلى الأصمعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>