للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتْحٌ: ومن الشروط تقليلُ العوائق حتى الأهل والأولاد والوطن، فإنَّها صارفةٌ وشاغلةٌ، ما جعل الله لرجل من قَلْبَين في جَوْفِهِ، ومَهُما توزّعَتِ الفِكْرة قَصَرَت عن دَرْك الحقائق وقد قيل: العِلْمُ لا يعطيك بعضَهُ حتى تُعطيه كُلَّكَ، فإذا أعطيته كُلَّكَ فأنتَ على خَطَرٍ من الوصول إلى بعضه.

فَتْحٌ: ومنها تَرْكُ الكَسَل، وإيثارُ السَّهَر في الليالي. ومن جملة أسباب الكَسَل فيه ذِكْر المَوْت والخوف منه لكنه يَنْبَغِي أن يكون من جملة أسباب التَّحْصِيل، إذ لا عَملَ يَحْصُل به الاستعداد للموتِ أفضل من العِلْم والعَمَل به، والخوفُ (١) لا ينبغي أن يتسَلَّطَ على الطالب بحيثُ يشغله عن الاستعدادِ، وقوله ﵇: "أكثِرُوا ذِكْرَ هاذم اللذات" (٢) يدل على أنَّه يَنْبَغي أن يكون ذكره سببا للانقطاع عن اللذات الفانية دون الباقية.

فَتْحٌ: ومن الشُّروط العَزْمُ والثَّباتُ على التعلُّم إلى آخرِ العُمُر، كما قيل: الطَّلَبُ من المَهْد إلى اللَّحْدِ، وقال تعالى لحبيبه: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ١١٤]،


(١) في م: "والخوف منه"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) أخرجه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة ﵁ مرفوعًا: ابن أبي شيبة المصنف (٣٥٤٦٨)، وأحمد في المسند ١٣/ ٣٠١ (٧٩٢٥)، وابن ماجة (٤٢٥٨)، والترمذي (٢٣٠٧)، والنسائي في المجتبى ٤/ ٤، وفي الكبرى (١٩٦٣)، وابن حبان (٢٩٩٢) و (٢٩٩٣) و (٢٩٩٤) و (٢٩٩٥) وغيرهم، وصححه العلامة الألباني، وحسّنه العلامة الشيخ شعيب الأرناؤوط - يرحمهما الله - وهو حديث معلول، ولذلك قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وهو رسمه في الحديث المعلول، وعلّته أن الصحيح فيه أنه مرسل أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف (٣٥٤٦٧) عن محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، قال: كان رسول الله يقول. ولذلك استنكره الإمام أحمد، كما في مسائل أبي داود (١٩٢٢) وحمّل محمد بن عمرو عهدته، وذكره الدارقطني في العلل (١٣٩٧) ورجح المرسل، قال: والصحيح المرسل. وهاذم اللذات: قاطع اللذات، وهو الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>