للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني: أن لا يتجاوز مسائلَهُم المُخالفة للشَّريعة، وإن تَجاوَزَ فإنما يُطالعها للرَّدُّ لا غير. هذا لمن ساعدَهُ الذِّهْنُ والسِّنُ والوَقْتُ، وسامَحَهُ الدَّهر عما يُفْضِيه إلى الحِرْمان، وإلّا فعليه أن يقتصر على الأهم وهو قَدْر ما يحتاجُ إليه فيما يَتَقَرَّبُ به إلى الله تعالى وما لا بُدَّ منه في المبدأ والمَعادِ والمعاملات والعبادات والأخلاق والعادات.

فَتْحٌ: ومن الشروط المُعتبرة في التحصيل: المُذاكرة مع الأقران ومناظرتهم لما قيل: "العِلْمُ غَرْسٌ وماؤه دَرْسٌ"، لكن طَلبًا للثواب وإظهارًا للصواب، وقيل: "مطارَحةُ ساعةٍ خَيْرٌ من تَكْرارِ شَهْرٍ"، ولكن مع مُنْصفٍ سَليمِ الطَّبْع.

وينبغي للطالب أن يكون متأمِّلًا في دقائق العِلْم ويعتاد ذلك، فإنما تُدْرَك به، خصوصًا قبل الكلام، فإنه كالسهم فلا بد من تقويمه بالتأمل أولا.

فتحٌ: ومنها: الجِدُّ والهِمّة، فإنَّ الإنسان يطير بهما إلى شَوَاهِقِ الكَمَالات، وأن لا يؤخِّرَ شُغْلَ يومٍ إلى غَدٍ؛ فإنَّ لكلّ يومٍ مَشاغل.

ولا بُدَّ أن يكون معه محبرة في كل وقتٍ حتى يكتب ما يَسْمَع من الفوائد ويَسْتَنْبطه من الزَّوائِد، فإن العِلْمَ صَيْدٌ والكتابة قَيْدٌ.

وينبغي أن يَحْفَظ ما كَتَبَهُ، إذ العِلْمُ ما ثَبَتَ فِي الخَوَاطِر لا ما أودع في الدَّفاتر، بل الغَرَضُ منه المُراجعة إليها عند النسيان لا الاعتماد عليها.

فَتْحٌ: ومن الشُّروط مُراعاة مَرَاتب العلوم في القُرْب والبُعْدِ من المَقْصِدِ فلكل منها رُتبةٌ تَرْتِيبًا ضَرُوريًا يجبُ الرّعاية في التحصيل إذ البعض طريقٌ إلى البعض، ولكلِّ عِلْمٍ حَدٌ لا يَتَعدَّاهُ فعليه أن يَعْرِفَهُ، فلا يَتَجاوز ذلكَ الحَدّ، مثلًا لا يَقْصُد إقامة البراهين في النحو ولا يَطلب، وأيضًا لا يُقَصِّر عن حَدِّه

<<  <  ج: ص:  >  >>