للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعْلَم أَنَّ الله تعالى جعلَ الرِّياسةَ وحُسنَ الذِّكْر حِفْظًا للشَّرْع والعِلْم، مثل الحَبِّ المُلْقَى حولَ الشَّبَكة وكالشَّهوة الدّاعية إلى التناسل، ولهذا قيل: لولا الرياسة لبطل العِلْمُ، وأن يَزْجُرَ عما يجب الزَّجْر عنه بالتّعريض لا بالتصريح.

فَتْحٌ: ومنها أن يُبدأ بما يهم للمتعلم في الحال، إمّا في معاشه أو في مَعادِه ويُعَيِّن له ما يليقُ بطبعه من العُلوم، ويُراعِي التَّرْتِيبَ الأحسنَ حَسْبما يقتضيه رتبتها على قدر الاستعداد، فمن بلغَ رُشده في العِلْم يَنبغي أن يَبُثُّ إليه حقائق العُلوم وإلّا فحِفْظ العِلْم وإمساكه عمن لا يكون أهلا له أولى به:

فمن مَنَحَ الجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ … ومَن مَنَعَ المُسْتَوجبينَ فَقَد ظَلَم (١)

فإنَّ بَثَّ المعارفِ إلى غير أهلها مذمومٌ، وفي الحديث: "لا تَطْرَحُوا الدُّرَر في أفواه الكلاب" (٢). وكذا ينبغي أن يجتنب إسماع العوام كلمات الصُّوفية التي يَعْجَزُون عن تطبيقها بالشَّرْع، فإنّه يؤدي إلى انحلال قَيْد الشَّرْع عنهم، فيُفْتحُ عليهم باب الإلحاد والزَّنْدقة فينبغي أن يرشد إلى عِلْمٍ


(١) هذا البيت ينسب إلى الإمام الشافعي، ذكره الراغب الأصبهاني في محاضرات الأدباء ١/ ٦٧، والدميري في حياة الحيوان ٢/ ٢٥٥، ومحمد بن أيدمر في الدر الفريد وبيت القصيد ٨/ ١١٩.
(٢) حديث تالف لا تصح نسبته إلى النبي ، أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (٩٩٤)، والبغوي في جزئه (١٠)، والرامهرمزي في أمثال الحديث، ص ١٢٢، وفي المحدث الفاصل ص ٥٧٤، وابن المقرئ في معجمه (١٣٤٠)، وأبو طاهر المخلّص في المخلصيات (١١١١)، والخطيب البغدادي في تقييد العلم، ص ١٤٦، وفي تاريخ مدينة السلام ١/ ٤٧٩ و ١٣/ ٢٠٣ وغيرهم من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو آفته فإنه متهم بالكذب كما في الميزان ٤/ ٣٩٧ عن محمد بن حجادة، عن أنس، ولذلك ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ٢/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>