للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغَرَضُهم عدم إمكان التَّعبير وخَوْفُ مُقايسة السامعين الأحوال الإلهية بأحوالِ المُمْكِنات، فيَضِلُّوا أو يسوء الظَّنَّ في قائلها فيقابلوه بالإنكار.

فَتْحٌ: ومنها: يَنبغي (١) أنْ لا يُخالف قوله فعلهُ إذ لو أكْذَبَ مقاله بحاله يَنْفَرُ الناس عنه وعن الاسْتِرشادِ به وأكثر المُقَلِّدينَ يَنْظُرُونَ إلى حال القائل، والمُحَقِّقُ الذي لا ينظرُ إلى القائل فهو نادر، فلتكن عنايته بتزكية أعماله أكثر منه بتحْسِين عِلْمه؛ إذ لا بُدَّ للعالم من الوَرَع ليكونَ علمه أنفع، وفوائده أكثر، وأن يَكْظِمَ غيظَهُ عند التعليم، ولا يَخْلطهُ بِهَزْلٍ فيقْسُو قَلْبَه، ولا يَضْحَك فيه، ولا يَلْعب، ولا يُبالي إذا لم يُقْبَل قوله، ولا بأسَ بأَن يَمْتَحِنَ فَهم المتعلم، وأن لا يُجادِلَ في العِلْم، ولا يُماري في الحقِّ، فَإِنَّهُ يفتحُ بابَ الضَّلال، و أن لا يُدْخِل عِلْمًا في عِلم، لا في تعليم ولا في مناظرة، فإنَّ ذلك مُشَوِّش. وكثيرًا ما غَلِطَ جالينوس بهذا السبب، وأن يحثّ الصغار على التعلّم سيّما الحِفْظ، وأن يذكر لهم ما يَحْتَمِله فهمُهُم، وإن كان الطلاب مُبتدئين لا يُلْقِي عليهم المُشْكلات، وإن كانوا مُنتَهِين لا يتكلّم في الواضحات، ولا يجيبُ مَتَعَنِّتًا في سؤالِه، ولا ما لا يُلْقِى عليه من الأُغْلُوطات، وأن ينظر في الطالب (٢) إن كانَ له زيادة فَهم بحيثُ يَقْدَر على حَلِّ المُشكلات وكشف المُعْضلات، يهتم لتعليمه أشدّ الاهتمام، وإلا فيُعلِّمه قَدْرَ ما يَعْرف الفَرائضَ والسُّنَنَ، ثم يأمرُهُ باشتغال الاكتساب ونوافل الطاعات، لكن يَصْبر في امتحانِ ذهنه مِقدار ثلاث سنين، وإن سُئِلَ عما يَشُك فيه يقول: لا أَدْرِي، فإنَّ لا أدري نصفُ العِلْم.


(١) في م: "أنه ينبغي"، ولفظة "أنه" لا وجود لها بخط المؤلف.
(٢) في م: "في حال الطالب" والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>