للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المُلحِدةُ أن يُصرِّحَ ناصرُ الشَّرْع بأنّ هذا وأمثاله على خلافِ الشَّرْعِ فَيَسهُلَ عليه طريق إبطال الشَّرْع؛ وهذا لأنَّ البحث في العالم عن كونه حادثا أو قديما، ثم إذا ثَبَتَ حُدوثه فسواء كان كُرةً أو بسيطًا أو مثمنًا، وسواء كانت السماوات وما تحتها ثلاث عَشْرة طبقةً كما قالوه أو أقل أو أكثر فالمقصود كونه من فعل الله فقط كيف ما كان.

٣ - ما يتعلَّقُ النِّزاعُ فيه بأصل من أصول الدين، كالقول في حُدوثِ العالم وصفاتِ الصانع وبيان حَشر الأجساد، وقد أنكروا جميع ذلك فينبغي أن يَظهَرَ فساد مذهبهم.

وذَكَر في الثالثة أنّ مقصوده تنبيه من حَسُن اعتقاده في الفلاسفة وظنَّ أنّ مسالكهم نقيّةٌ عن التناقض ببيان وجوه تهافتهم، فلذلك لا يدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مُطالب مُنكِر لا دخول مُدَّع مُثبت، فيُكدِّر عليهم ما اعتقدوه مَقْطوعًا بإلزاماتٍ مختلفة، وربّما ألزمهم بمذاهب الفرق.

وذكر في الرابعة أنَّ من عُظْم حِيَلهم في الاستدراج إذا أورد عليهم إشكالٌ: قولهم: إنّ العُلوم الإلهية غامضة خفيّة لا يُتوصل إلى معرفة الجواب عن هذه الإشكالات إلا بتقديم الرياضيات والمنطقيّات، فمن يُقلِّدُهم إِنْ خَطَر له إشكال يُحسِنُ الظَّنَّ بهم ويقول: إنّما يَعسُر على دَرْكُ علومهم لأني لم أحصل الرياضيات ولم أحكم المَنْطِقيّات. قال: أمّا الرياضياتُ فلا تعلق للإلهيات بها، وأما الهندسيّات فلا يُحتاج إليها في الإلهيات. نعم، قولهم: إن المنطقيّاتِ لا بدَّ من إحكامها فهو صحيح، ولكن المنطق ليس مخصوصا بهم، وإنّما هو الأصل الذي نُسمِّيه في فنِّ الكلام كتاب النظر فغيّروا عبارته إلى: المَنْطِق تهويلا، وقد نُسمّيه كتابَ الجَدل، وقد نُسمِّيه مدارك العقول، فإذا سَمِع المُتكايِسُ اسمَ المَنْطِقِ ظَنَّ أنه فنٌّ غريبٌ لا يعرفه المتكلمون ولا يطَّلع عليه إلّا الفلاسفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>