للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحياة الوظيفية، وكان يدرس عليه في تلك الأثناء عدد من الطلاب في موضوعات مختلفة، لكنه مرض فكان يقرأ كتب الطب، وطالع أيضًا كتب الأسماء والخواص بقصد البحث عن سبل ووسائل للتداوي من ناحية والتنقيب عن الشفاء بالطرق الروحانية من ناحية أخرى.

وكان ينعزل عن الناس، ويتقرب إلى الله ثقة منه أن دعواته إليه بقلب سليم والتعويذات التي صنعها سوف تأتي بالنتيجة (١). وفي أثناء عام ١٠٥٧ هـ (١٦٤٧ م) قام بتدريس شرح الأشكال في الهندسة والمحمدية لعلي قوشجي في الحساب لكل من مولانا محمد بن أحمد الرومي ولولده هو نفسه، كما علمهما من الزيج قاعدة استخراج دستور التقويم.

وفي أواخر عام ١٠٥٨ هـ (١٦٤٨ م) حصل على وظيفة "الخليفة الثاني" في القلم الذي كان يعمل فيه، وذلك بتوصية من شيخ الإسلام عبد الرحيم أفندي إلى الصدر الأعظم قوجه محمد باشا بسبب كتاب تقويم التواريخ، وذلك رغم ما بذله المعارضون له من مساع لرفض طلبه وجهود مادية ومعنوية للحيلولة دون ذلك (٢) وكان عبد الرحيم أفندي هذا صديقًا ودودًا له، مطلعا على سرّه، يحادثه في شئون الدولة، ويستعين بمشورته في موضوعات شتى (٣). والشاهد على ذلك أنه أفتى بأن كتاب ميزان الحق كتاب مفيد وقنع كاتب جلبي بما كان يتقاضاه من نقود تكفيه على معيشته، ولم يطلب المزيد. وقد ظهر عدد كبير من مؤلفاته في غضون تلك السنوات الأخيرة، كما استطاع بمساعدة الشيخ محمد إخلاصي (٤) أن ينقل إلى التركية بعض الكتب اللاتينية.

وفي يوم الجمعة السابع والعشرين من ذي الحجة عام ١٠٦٧ هـ (٦ أكتوبر ١٦٥٧ م) شعر كاتب جلبي بضيق وهو يشرب قهوة الصباح، فسقط الفنجان من يده ومات فجأة (٥). وكان قد كشف عن ذلك من قبلها لزوجته وخادمه، فقال لهما


(١) انظر: كشف الظنون، علم الخواص، ١/ ٧٢٥ وما بعدها، وعلم العزائم، ٢/ ١١٣٧.
(٢) انظر: تقويم التواريخ نشر إبراهيم متفرقة، ٢٤٧ وميزان الحق في اختيار الأحق، ١٤٠.
(٣) انظر مثلا: فذلكة ٢/ ٢٩٣، وتحفة الكبار، ١٢٥
(٤) وهو الراهب الفرنسي الذي اهتدى إلى الإسلام.
(٥) انظر: تقويم التواريخ، أحداث ١٠٦٧ هـ، ص ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>