للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَن جَمَع بين كتُب الأولين بنوع من التصرف والاختصار، كمَن جَمَعَ بينَ كتابي البخاري ومسلم، مثل: أبي بكر أحمد بن محمد الرقاني (١)، وأبي (٢) مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي، وأبي عبد الله محمد الحميدي، فإنّهم رَتَّبوا على المسانيد دونَ الأبواب كما سَبَقَ ذِكرُه، وتلاهم أبو الحَسَن رَزِينُ بن معاويةَ العَبْدَريُّ فجمَع بينَ كتب البُخاري ومسلم و "الموطأ" لمالك و "جامع الترمذي" و "سُنَن أبي داود" [والنسائي] (٣) ورَتَّب على الأبواب، إلّا أنّ هؤلاء وأودَعوا متون الحديثِ عاريةً من الشَّرح، وكان كتابُ رَزِين أكبرها وأعمَّها حيث حوى هذه الكتُبَ السَّتةَ التي هي أُمُّ كتب الحديث وأشهرها وبأحاديثها أخذ العلماء واستدلَّ الفقهاء وأثبتوا الأحكام ومصنفوها أشهر علماء الحديث وأكثرهم حفظًا وإليهم المنتهى.

وتلاه الإمام أبو السَّعادات مُبارَكُ بن محمد ابن الأثير (٤) الجَزَرِيُّ، فجمع بين كتاب رزين وبين الأصول الستة بتهذيبه وترتيب أبوابه وتسهيل مَطْلَبِه وشَرْح غريبه في "جامع الأصول"، فكان أجمَعَ ما جُمع فيه.

ثم جاء الحافظ جَلالُ الدِّين عبدُ الرَّحمن بن أبي بكر السيوطي، فجمَعَ بينَ الكتُبِ السَّتة والمسانيد العشرة وغيرِها في "جَمْع الجوامع"، فكان أعظم بكثير من جامع الأصول من جهة المتون إلا أنه لم يُبالِ بما صَنَع فيه من جمع الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة.


(١) هكذا بخطه، وكذا جاءت في م، وهو تحريف صوابه: "البرقاني"، وهو أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني المتوفى سنة ٤٢٥ هـ والمتقدمة ترجمته في الرقم (٥٥١٥)، وقد ذكره المؤلف في "الجمع بين الصحيحين".
(٢) في الأصل: "أبو".
(٣) زيادة متعينة أخلت بها نسخة المؤلف.
(٤) في الأصل: "أثير".

<<  <  ج: ص:  >  >>