للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظَنَّتْ أنّها تصل إلى درجة المحدثين، وما ذلك إلا لجَهْلِهم بالحديث، بل لو حَفِظَهما عن ظهر قلب وضم إليهما من المتون مثلَيْهما لم يكن محدثًا ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠]، وإنما الذي يَعُدُّه أهل هذا الزمان بالغا إلى النهاية وينادونه محدثَ المحدثين وبُخاري العصر: من اشتغل بـ "جامع الأصول" لابن الأثير، مع حفظ علوم الحديث لابن الصلاح أو "التقريب" للنووي، إلا أنه ليس في شيء من رتبة المحدثين، وإنما المحدَّثُ: مَن عَرَف الأسانيد والعِلل وأسماء الرجال والعالي والنازِلَ وحَفِظَ معَ ذلك جُملةً مُستكثَرةً من المتون وسَمِع الكتب الستة ومسنَدَ أحمد بن حنبل وسُنَن البيهقي ومعجَمَ الطَّبراني وضم إلى هذا القَدْر أَلفَ جُزء من الأجزاء الحديثية، هذا أقل، فإذا سمع ما ذكرناه وكتب الطِّباق (١) ودارَ على الشيوخ وتكلم في العلل والوفيات والأسانيد كان في أول درجات المحدثين، ثم يزيدُ الله من يشاءُ ما يشاء. هذا ما ذَكَره تاجُ الدِّين السبكي (٢).

وذَكَر صدرُ الشَّريعة في "تعديل العلوم" أنّ مشايخ الحديث مشهورونَ بطول الأعمار.

وذَكَر السبكي في "طبقاتِ الشّافعيّة" (٣) أن أبا سَهْل قال: سمعت ابنَ الصَّلاح يقول: سمعتُ شيوخنا يقولون: دليل طول عُمُر الرَّجُل اشتغاله بأحاديثِ الرَّسُول (٤). ويُصدِّقُه التجربة، فإن أهل الحديث إذا تتبعت أعمارهم تجِدُها في غاية الطُّول.


(١) في م: "الطبقات"، خطأ، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) إلى هنا انتهى كلام طاش كبري زاده.
(٣) طبقات الشافعية ٤/ ٤٤.
(٤) إلى هنا انتهى كلام التاج السبكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>