للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وموضوعه: الأشياء الموجودة في الأعيان والأذهان. وعَرَّفه بعضُ المحققين بأحوالِ أعيانِ الموجودات على ما هي عليه في نَفْس الأمر بقَدْرِ الطاقة البشريّة، فيكونُ موضوعه: الأعيان الموجودة.

وغايتُه: هي التشرُّف بالكمالاتِ في العاجل والفَوْز بالسَّعادة الأُخْرَويّة في الأجل. وتلك الأعيانُ إمّا الأفعال والأعمال التي وجودها بقدرتنا واختيارنا أولًا؛ فالعلم بأحوال الأوّل من حيثُ يؤدّي إلى إصلاح المعاش والمعاد يُسمَّى حكمةً عمليّة، والعِلمُ بأحوال الثاني يُسمَّى حِكمةً نَظَرِيَّة؛ لأنّ المقصود منها ما حصل بالنظر. وكل منهما ثلاثة أقسام.

أمّا العمليَّةُ فلأنّها إِمَّا علم بمصالح شخص بانفرادِه ليتحلَّى بالفضائل ويتخَلَّى عن الرَّذائل ويُسمَّى تَهذيب الأخلاق، وقد ذُكر في علم الأخلاق، وإما علم بمصالح جماعة متشاركة في المنزل كالوالد والمولود والمالك والمملوك، ويُسمى تدبير المنزل، وقد سَبَق في التاء. وإما علم بمصالح جماعةٍ متشاركة في المدينة، ويُسمَّى السياسة المدنية، وسيأتي في السِّين.

وأمّا النَّظريَّةُ فلأنّها إمّا عِلم بأحوالِ ما لا يفتقر في الوجود الخارجي والتعقل إلى المادَّة، كالإله، وهو العلم الإلهي، وقد سَبَق في الألف. وإمّا علم بأحوالِ ما يفتقر إليها في الوجودِ الخارجيّ دون التعقل، كالكُرة (١)، وهو العلمُ الأوسط، ويُسمى بالرياضي والتعليمي، وسيأتي في الراء. وإما علم بأحوالِ ما يفتقر إليها في الوجودِ الخارجي والتعقل، كالإنسان، وهو العلم الأدنى، ويُسمَّى بالطّبيعيّ، وسيأتي في الطاء، وجعل بعضُهم ما لا يفتقر إلى المادة أصلا قسمين: ما لا يُقارنُها مطلقًا، كالإله والعقول وما يقارنُها لكنْ لا على وَجْهِ


(١) جاء في حاشية النسخة بخط المؤلف: "فإنك تفهم الكرة من غير أن تحتاج في تعقلها إلى أنها من ذهب أو حديد أو خشب بخلاف الإنسان فإنك تحتاج إلى أن تعرف من عظم أو لحم".

<<  <  ج: ص:  >  >>