للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الافتقار، كالوَحْدَةِ والكثرة وسائر أمور العامة فسُمِّي العلم بأحوالِ الأوّل: إلهيًّا، والعلم بأحوال الثاني: علمًا كُليًّا وفلسفةً أُولى.

واختلفوا في أنّ المنطِقَ من الحِكمة أم لا؟ فمَن فسَّرها بما يُخرجُ به النَّفْسَ إلى كمالها المُمكن في جانبي: العلم والعمل، جَعَله منها، بل جعل العمل أيضًا منها، وكذا مَن تَرَك الأعيان في تعريفها جعله من أقسام الحكمة النَّظَريَّة، إذ لا يُبحث فيه إلّا عن المعقولات الثانية (١) التي ليس وجودها بقدرتنا واختيارنا. وأما من فسَّرها بأحوال الأعيان الموجودة، وهو المشهورُ بينَهم، لم يَعُدَّه منها؛ لأنّ موضوعه ليس من أعيان الموجودات والأمور العامة (٢) ليست بموضوعات، بل محمولاتٌ (٣) تثبتُ للأعيانِ فَتَدخُلُ في التّعريف. ومن النّاس من جعل الحكمة اسما لاستكمال النفس الإنسانية في قوتها النَّظريّة، أي: خروجها من القوَّة إلى الفعل في الإدراكات التصورية والتصديقيَّة بحسب الطاقة البشريّة. ومنهم مَن جَعلها اسمًا لاستكمال القوّة النظرية بالإدراكات المذكورة واستكمال القوَّة العمليَّة باكتسابِ المَلَكَةِ التامة على الأفعال الفاضلة المتوسطة بين طرفي الإفراط والتفريط.

وكلامُ الشَّيخ في "عيون الحكمة" مُشْعِرٌ بالقول الأول، وهو أنه جعل الحِكمة اسمًا للكمالاتِ المعتبرة في القوَّة النَّظريَّةِ فقط، وذلك لأنه فسّر الحكمة باستكمال النَّفْس الإنسانيَّة بالتصوراتِ والتصديقات، سواء كانت


(١) جاء في حاشية النسخة بخط المؤلف: "هي ما لا يعقل إلا إعراضًا لمعقول آخر ولم يكن في الأعيان ما يطابقه وقيل هي العوارض المخصوصة بالوجود الذهني".
(٢) جاء في حاشية النسخة بخط المؤلف: "جواب سؤال تقديره على هذا لا يكون العلم بأحوال الأمور العامة منها لأنها غير موجودة في الخارج".
(٣) جاء في حاشية النسخة بخط المؤلف: "لأن قولنا الوجود زائد في الممكن في قوة قولنا الممكن موجود بوجود زائد".

<<  <  ج: ص:  >  >>