للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو زكريا يحيى الصَّيْمَريُّ، وأبو نَصْر الفارابيُّ، وطلحةُ النَّسَفيُّ، وأبو الحَسَن العامري، وابنُ سِينا.

وفي "حاشية المطالع" لمَوْلانا لطفي أنَّ المأمونَ جَمَع مُترجمي مملكته كحُنَيْن بن إسحاق وثابت بن قُرَّة وتَرجَموها بتراجم متخالفةٍ مَخْلوطة غيرِ مُلَخَّصة ومحرّرة لا تُوافق ترجمه أحدهم للآخر، فبقي تلك التراجم هكذا غير محرّرة، بل أشرَف أنْ عَنّت رسومها إلى زمن الحكيم الفارابي، ثم إنه التمس منه مَلكُ زمانِه مَنصور بن نُوح السَّامانيُّ أَن يَجمَعَ تلك التراجم، وجعل من بينها ترجمة ملخصةً محرّرةً مُهذَّبةٌ مُطابقةٌ لِما عليه الحكمة، فأجاب الفارابي وفَعَل كما أراد وسُمِّي كتابه بـ "التعليم الثاني"، فلذلك لقب بالمُعلِّم الثاني، وكان هذا في خِزانة المنصور إلى زمان السلطان مسعود: من أحفادِ مَنْصُورٍ كما هو مُسَوَّدًا بخطِّ الفارابي غيرَ مُخرَج إلى البياض، إذ الفارابي غيرُ مُلتفت إلى جَمْع تصانيفه، وكان الغالب عليه السياحةُ على زِي القَلَنْدريَّة، وكانت تلك الخزانة بأصفهان وتُسَمَّى صُوانَ الحكمة. وكان الشيخ أبو علي ابن سينا وزير المسعود تَقرَّب إليه بسبب الطِّب حتى استَوْزَرَه وسَلَّم إليه خِزانة الكتب، فأخَذ الشَّيخُ الحِكمة من هذه الكتب، ووَجَد فيما بينها "التعليم الثاني ولخص منه كتابَ "الشِّفاء". ثم إنّ الخزانة أصابها آفة فاحترقت (١) تلك الكتُبُ فاتُّهِم أبو عليٍّ بأنه أخذ من تلك الخزانة الحِكْمَةَ ومصنّفاتِه ثم أحرَقَها لئلا ينتشر بين الناس ولا يطلع عليه أحدٌ، فإنه بُهتانٌ وإفكٌ؛ لأَنّ الشَّيخَ مُقِرٌّ لأَخْذِه الحكمة من تلك الخزانة كما صَرَّح في بعض رسائله، وأيضًا يُفهَمُ في كثيرٍ من مواضع "الشِّفاء" أنه تلخيص "التعليم الثاني". انتهى.


(١) في الأصل: "فاحترق".

<<  <  ج: ص:  >  >>