للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى هنا خُلاصةُ ما ذكروه في أحوالِ العُلومِ العَقْليَّة، وكتبها ونَقْلُها إلى العربي (١) والتفصيلُ في تاريخ "الحُكماء".

ثم إنّ الإسلاميين لما رأوا في العلوم الحكميَّة ما يُخالفُ الشَّرعَ الشَّريف وضعوا فنا للعقائد واشتهر بعلم الكلام، لكنّ المُتأخرين من المحققين أخذوا من الفلسفة ما لا يُخالفُ الشَّرعَ وخَلَطوها (٢) بالكلام (٣) لشدة الاحتياج إليه، كما قال العلّامةُ سَعْدُ الدِّين في "شرح المقاصد"، فصار كلامهم حكمةً إسلامية ولم يبالوا برد المتعصبين وإنكارهم على خَلْطِهم؛ لأنّ المرة مجبولٌ على عداوة ما جَهِله، لكنهم لما لم يكنْ أخُذُهم وخَلْطُهم على طريق النقل والاستفادة بل على سبيل الردُّ والاعتراض والنقض والإبرام في كثير من الأمور الطبيعية والفَلَكيَّة والعُنصريَّة، قام أشخاص من الإسلاميين كالنَّصِير وابن رشد ومِن غيرِ الإسلاميين وانتصبوا في ردّهم وتزييف فَنِّهم، فصار فن الكلام كالحكمة في النَّقض وتَزْيِيفِ الدَّلائل، كما قال الفاضل القاضي مير حُسَين المَيْبُذيُّ في آخر رسالته المعروفة "بجام كيتي نما"، فاللائق بحال الطالب أن يَنظُرَ في كلام الفريقين وكلام أهل التصوف ويستفيد من كل منها (٤) ولا يُنكِرَ، إذ الإنكار سبب البعد عن الشيء كما قال الشَّيخُ في آخر "الإشارات".

وأما الكتُبُ المصنفة في الحكمة: الطبيعية والإلهية والرِّياضية، فأكثرها ليس بإسلامي، بل يوناني ولاتيني؛ لأنَّ معظم الكتب بقي في بلادِهم ولم يُنقَلْ إلى العربي إلّا الشاذ النادرُ، وما نُقِل لم يبقَ على أصل معناه لكثرة التحريفات


(١) في م: "العربية"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في الأصل: "وخلطوا.
(٣) في الأصل: "للكلام".
(٤) في م: "منهما"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>