عبارات لم يسلم من النَّسْج على منوالها، وزياداتِ أفلاكِ محلِّه بالقُرب من البَساطة سَلِم ذلك الكتاب عن أمثالها، تالله إنه لكتاب لا يتيسَّر لأحدٍ كشَفَ مُجمَلاتِه إِلّا بتطليق الشَّهوات، ولا يتسنى لبشَرٍ حَلَّ مُشكِلاتِه إِلّا بالانقطاع في الخلوات معَ عَقْدِ القلب ورَبْطِ اللُّبْ على ما عَقَد هو عليه قلبه من طلب الحق وإيثار للصِّدق وعَدَم قصد التكبر والفخار والوصول إلى درجاتِ الاعتبار. قال: ولما كنتُ ممن وُلِد ونشأ في البقاع المقدسة وطالعت الأصلين أكمَلَ مطالعة وفتحتُ مُغْلَقاتِ حصونهما بعدَ المُمانعة والمدافعة، ورأيتُ ما في الزيجات المتداولة من الخَلَل الواضح والزَّلَل الفاضح، تعلَّق البال والخُلد بتجديد تحريرِ الرَّصْد، ومَنَّ الله عليَّ بتلقِّي جُملة الطرائق الرَّصْديّة من الكتب المعتبرة ومن أفواه المشايخ العِظام، واخترعتُ آلاتٍ أُخَرَ من المُهمّات بطريقِ التّوفيق، وأقمتُ على صحة ما يُتَعاطَى بها من الأرصادِ البراهينَ ونَصَبتُها بأمر الملك الأعظم السُّلطان مراد خان وبإشارة الأستاذ الأعظَم حَضْرَةِ سَعْد الدين أفندي مُلقن الحَضْرَةِ الشَّريفة، وشَرَعتُ في تقرير التحريرات الرَّصْديّة الجديدة حاذيًا حَذْوَ العلّامة النَّصِير ومقتفيًا أثَرَ المُعلّم الكبير، وربّما نَقلْتُ عبارته بعينها وزدت فيه من الوجوه القريبة والتحريراتِ الغريبة ما يتضحُ لذوي العقول الصّافية (١). حُكي أنّ نَصير الدين لما أراد العمل بالرَّصْد رَأى هولاكو ما ينصرفُ عليه، فقال له: هذا العِلمُ المتعلِّقُ بالنُّجوم ما فائدته؟ أيرفَعُ ما قُدِّر أن يكون؟ فقال: أنا أضربُ لمنفعته مثالًا القان يأمُر مَن يَطَّلِعُ إلى أعلى هذا المكان ويدعه يرمي من أعلاه طَسْتَ نُحاس
(١) كتب ولي الدين جار الله بخطه في حاشية النسخة معلقا: "النصير مع جلالة قدر علمه لم يكن مرصده بمراغة جيدًا لاشتغاله بالوزارة وتسليمه دار الرصد إلى غير لا يساويه أو يقاربه في الفضيلة". وقد أدمجها ناشرو م بالنص الأصلي مع أنَّ ولي الدين كتب اسمه في آخر التعليق.