للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجائز عَقْلًا وشَرْعًا، مَن أنكرهما لم يُعبأ به؛ لأنه يُفضي إلى إنكار قدرة الله؛ لأنّ التسخير والتذليل إليه وانقيادهم للإنس من بديع صنعه. وسُئل آصِفُ بن برخيا: هل يُطيعُ الجن والشَّياطين الإنس بعد سليمان ؟ فقال: يطيعونهم ما دام العالم باقيًا وإنما يتّسقُ بأسمائه الحسنى وعزائمه الكُبرى وأقسامه العِظام والتقرب إليه في السَّيرِ المَرْضِيَّة.

ثم [هو] (١) في أصله وقاعدته على قسمين: محظورٌ ومباح، الأول هو: السحر المحرم، وأمّا المُباح فعلى الضد والعكس، إذ لا يُستثمر منه شيء إلا بوَرَع كامل وعفافٍ شامل وصفاءِ خَلْوة وعُزلة عن الخَلْق وانقطاع إلى الله تعالى، وقد علمتَ أنّ التسخير إلى الله تعالى، غير أنّ المحققين اختلفوا في كيفية اتصاله بهم منه تعالى، فقيل: على نهج لا سبيل لأحدٍ دونَه ﷿، وقيل: بالعزيمة كالدعاء وإجابته، وقيل: بها والسير المَرْضِيَّة، وقيل: بالجواسيس الطائعينَ المَنْهيَّين المتهيئين، وقيل: بالمُحتبسة والسيارة، وقيل: بالعُمار. هذا ما يُعتمدُ من كلام المحققين.

قال فَخْرُ الأئمة: أمّا الذي عندي أنه إذا استَجمَعَ الشرائط وصَوَّب العزائم صيَّرها الله تعالى عليهم نارًا عظيمةً مُحرقةً لهم مضيّقةً أقطار العالم عليهم كيلا يبقى لهم ملجأ ولا متسع إلا الحضور والطاعة فيما يأمرهم به، وأعلى من هذا أنه إذا كان ماهرًا مسيَّرًا في سِيَره الرَّضِيَّة وأخلاقه الحميدة المَرْضِيَّة فإنه تعالى يُرسل عليهم ملائكة أقوياء غِلاظًا شِدادًا ليَزجُروهم ويُسوقوهم إلى طاعته وخدمته. وأثبت المتكلمون وغيرهم من المحققين هذه الأصول حيث قالوا: ما يمنع من أن يكون من الكلام من أسماء الله تعالى أو غيرها في الكتب والعزائم


(١) ما بين الحاصرتين منا.

<<  <  ج: ص:  >  >>