للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعليقات أو ما كُتِب عليها من الحواشي، وما قام من جاء بعدهم باختصارها أو ترجمتها إلى لغات أخرى لتعم فوائدها وتجتنى عوائدها.

إن بروز مثل هذه الفكرة في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، يُعد نقلة نوعية في تاريخ الفكر الإسلامي الذي شهد في هذه الأعصر الكثير من الجمود وقلة الإبداع. ومن ثم صار هذا الكتاب من الكتب التي احتلت منزلة متميزة عند العلماء الذين جاءوا بعده تدل على ذلك كثرة الذيول والمستدركات المؤلفة عليه، بل نجد الأوربيين يهتمون به ويعنون بتحقيقه وطبعه وترجمته إلى اللاتينية. ولعل الذين عنوا برصد التراث العربي الإسلامي في عصرنا أمثال كارل بروكلمان وفؤاد سزكين كانوا ممن تأثروا بصنيع حاجي خليفة المتميز في زمانه.

وقد كتب حاجي خليفة كتابه باللغة العربية، وهي اللغة المقدسة لغة هذا الدين الذي أنعم الله به على البشرية. وقد أدرك هذا العالم مثل غيره من علماء الأمة الإسلامية، وإن اختلفت أعراقهم، بأن هذه اللغة هي وعاء هذا الدين وشعاره الذي يتميز به المسلم عن غيره ومن هنا أكد علماء أصول الفقه على أن المجتهد في الشريعة ينبغي أن يكون متبحرًا في العربية يبلغ مبلغ علمائها من علوم اللغة والنحو والتصريف والمعاني وغير ذلك بحيث يكون قادرًا على فهم ما يُلقى إليه ويميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله، وحقيقته ومجازه، وعامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه، ومطلقه ومقيده، ونصه وفحواه ولحنه ومفهومه (١). ومن هنا وجدنا علماء الدولة العثمانية يعنون بهذه اللغة ويؤلفون فيها، ويتناقشون ويتناظرون في دقائقها إلى جانب معرفتهم بالتركية والفارسية.

ومع ضعف المؤلف الظاهر في هذه اللغة إذ يخطئ في الأمور التي لا يخطئ فيها المبتدؤون من نحو رفع المجرور مثل قوله: "لتلميذه أبو سعيد" و "للشيخ أبو الفتوح"، و "للشيخ أبو العباس" ونحو ذلك في مئات المواضع التي علقنا عليها، كما أنه كثير الخطأ في التذكير والتأنيث فهو كثيرًا ما يؤنث ما حقه التذكير، أو يذكر ما


(١) ينظر في ذلك: المستصفى للغزالي ٢/ ٣٥٢، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/ ٢٠٥، وشرح الأصول للبزدوي ٤/ ١١٣٦، وجمع الجوامع للسبكي ٢/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>