للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثالثة: الفتاوى والواقعاتُ، وهي مسائل استَنْبَطَها المجتهدون المتأخرون لمّا سُئل عنهم ولم يجدوا فيها رواية عن أصحاب المذهب المتقدمين، وهم أصحابُ أبي يوسف وأصحاب محمدٍ وأصحاب أصحابهما وهلُمَّ جَرًّا إلى أن ينقرضَ عصر الاجتهاد، وهم كثيرون، فمن أصحاب أبي يوسف ومحمد مثل: ابن رُستُم، ومحمد بن سَمَاعة، وأبي سُليمانَ الجُوزجاني، وأبي حَفْص البخاريِّ، ومن أصحاب أصحابهما ومن بعدهم مثل: محمد بن مسلمة، ومحمد بن سَلَمةَ، ومحمد بن مُقاتِل، ونَصْر بن يحيى، وأبي نَصْرٍ القاسم بن سلام كما في الطبقاتِ والتَّواريخ. وقد يتَّفقُ لهم أن يُخالفوا أصحاب المذهب لدلائل ظَهَرت لهم. وأول كتابٍ جُمع في فتاواهم فيما بلغنا كتاب "النوازل" لأبي الليث السَّمَرْقَنْدي، فإنه جَمَع صُوَرَ فَتاوَى جماعةٍ من المَشايخ بقوله: سُئل نَصْرُ بن يحيى في رجُل كذا وكذا فقال كذا وكذا وسئل] (١) أبو القاسم عن رجُل كذا. ثم جَمَع المشايخ بعدَه كتبًا أُخَرَ كـ "مجموع النوازل والواقعات" للصَّدْر الشهيد. ثم ذكر المتأخرونَ بهذه الطبقات من المسائل في كتبهم مختلفةً غير متميِّزة كما في قاضيخان والخلاصة، ومَيّز بعضُهم كرضيِّ الدين السَّرْخَسي في "المُحيط" فإنه يذكر أوّلًا مسائل الأصول ثم مسائل النوادر ثم مسائل الفتاوى ونعمَ ما فَعَل. فحيثُ يُطلَقُ في كتبنا المشايخ والمتأخرون فالمراد: ما ذكرنا، وما نُقل عنهم في الكتب إما الاجتهادات كما نَقَلْنا وإما تخريجات أقوالِ العلماء المتقدمين كما يقال. هذا القول اختاره مشايخ ما وراء النهر، وأفتى بهذا مشايخ سَمَرْقَند، والغالب على القدماء منهم الاجتهاد والترجيح، وهم الذين كانوا ما بين مئتين إلى أربع مئة من الهجرة، والغالب على المتأخرين منهم، وهم الذين كانوا بعد الأربع مئة (٢) الترجيح فقط. ومن كتب مسائل الأصول: كتاب "الكافي":


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من التوضيح.
(٢) في الأصل: أربع مئة".

<<  <  ج: ص:  >  >>