للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النَّبيّ في منامه فمَسَح بيده المباركة فعُوفي وخَرَج من بيته أولَ النَّهار، فلَقِيَه بعضُ الفقراء فقال له: يا سيدي، أريد أن تُعطيني القصيدة التي مدحت بها، قال: أي قصيدةٍ تريد؟ فقال: التي أولها: أمن تذكر جيران .... فأعطاها، وجرى ذكرها في النّاس. ولما بلغ (١) الصاحبُ بهاءُ الدين وزير الملك الظاهر استَنْسَخَها ونَذَر أنْ لا يسمَعَها إلّا حافيًا واقفًا مكشوف الرأس، وكان يَتبرَّكُ بها هو وأهل بيته ورَأَوا من بركاتِها (٢) أمورًا عظيمةً في دينهم ودنياهم. وسببُ شُهرتها بالبُردة: أنه أصابَ سَعْدَ الدِّين الفارقي رَمَدٌ عظيم أشرف منه على العَمَى فرأى في منامه قائلا يقولُ: امضِ إلى الصّاحبِ بهاء الدين وخُذْ منه من البُرْدةَ واجْعَلْها على عينيّك تُفِقُ إن شاء الله، فنَهضَ من ساعته وجاء إليه وقال له ما رأى في نومه فقال الصاحب: ما عندي شيءٌ يقال له البُرْدة، وإنّما عندي مديح النبي إنشاء البوصيري فنحن نَستَشفي بها، فأخرجها، ووضعها سَعْدُ الدِّين على عينيه فعُوفي من الرَّمَد.

وهذه القصيدة الزهراء والمديحةُ الغَرّاء بركاتُها كثيرة، ولا يزال النَّاسُ يتبركونَ بها في أقطار الأرض. وقد يُروى في إنشائه (٣) وسبب اشتهارها بالبردة وجوهٌ شتّى، والأقرب إلى القبول ما ذُكِر هاهنا، لكن قال المَوْلى مصنفك في شَرْحِه، بعد نقل منامه ورؤيته النَّبيّ : فألقى بُرْدًا على عاتقَيْهِ ومَسَح بيدِه فلما استيقظ وَجَدَ بدَنَه صحيحًا كلَّه ووَجَد ذلك البُرْدَ على عاتقيه ففَرح به، وصَرَخ (٤) فذكر … إلى آخر القصَّة. ثم قال: أو أنه رُوي عن


(١) في م: "بلغت"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في الأصل: "بركاته".
(٣) في م: "في إنشائه لها"، والمثبت من خط المؤلف.
(٤) في م: "فخرج"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>